للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم النهي عن بيعتين في بيعة.

والذي يترجح في تفسيره أن يقول أحد المتبايعين للآخر: خذ هذه السلعة بعشرة نقداً وآخذها منك بعشرين نسيئة، وهي مسألة العينة بعينها - والتي سوف يأتي الكلام فيها في فصلٍ مستقل إن شاء الله -، فإن هذا هو المعنى المطابق للحديث، فإنه إذا كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الثمنين، فإن أخذه أخذ أوكسهما، وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا، فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا. ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى، وهذا هو بعينه الشرطان في البيع١.

وأما تفسير سماك للبيعتين في بيعة - والذي سبق ذكره عند حديث ابن مسعود رضي الله عنه وهو: "أن يبيع الرجل فيقول: هو بنَساءٍ كذا وكذا، وهو بنقدٍ بكذا وكذا"، أي ويتفرقا من غير تعيين أحد الثمنين، فقد ضعّف ابن القيم هذا التفسير وقال: "لا يدخل الربا في هذه الصورة، ولا صفقتين هنا وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين"٢.

ومن العلماء من فسَّر البيعتين في بيعة بأن يقول الرجل مثلاً: بعتك هذا العبد بعشرين ديناراً على أن تبيعني جاريتك بعشرة دنانير٣.

ويتطرَّق إلى هذا التعريف الاعتراض السابق بأن الربا لا يدخل في هذه الصورة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال - كما سبق -: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا".


١ تهذيب السنن (٩/٢٩٥) .
٢ انظر: المرجع السابق.
٣ معالم السنن (٣/٧٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>