للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب التنبيه هنا إلى أنه وإن حرم بيع الميتة وما يقاس عليها من الأعيان النجسة، فهذا التحريم لا يتعدى إلى الانتفاع بها؛ فالميتة مثلاً وإن حرم بيعها، فإنه يجوز الانتفاع بها بإطعامها للبزاة والصقور ونحوها، وأيضًا الزيت النجس وإن حرم بيعه، فإنه يجوز الانتفاع به في الاستصباح ونحوه. وهكذا السرقين النجس، فإنه وإن حرم بيعه، فإنه يجوز الانتفاع به في عمارة الأرض للزرع والثمر عند جمهور العلماء١، وهكذا.

فإن قيل: كيف يباح الانتفاع بالشيء ويحرم بيعه؟

فالجواب: أنه لا يلزم من إباحة الانتفاع إباحة البيع. فالصحابة رضي الله عنه لما سمعوا بالنهي عن بيع الميتة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع شحومها، وذلك لما فيها من المنافع، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع شحومها، ولم ينههم عن الانتفاع بها.

قال الشافعي في كلامه على الانتفاع بالزيت النجس: " ويستصبح به، فإن قيل: كيف ينتفع به ولا يبيعه؟ قيل: قد ينتفع المضطر بالميتة ولا يبيعها، وينتفع بالطعام في دار الحرب ولا يبيعه في تلك الحال، قال: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وأباح الانتفاع به في بعض الأحوال، فغير مستنكر أن ينتفع الرجل بالزيت ولا يبيعه في هذه الحال"٢.

وقال ابن القيم: " ينبغي أن يعلم أن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بلا لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع"٣.

وأما الخنزير فهو مجمع على تحريم بيعه أيضًا٤؛ وذلك لنجاسته.


١ انظر في ذلك: حاشية الجمل على شرح المنهج (٣/٢٢-٢٣) ، زاد المعاد (٥/٧٤٩-٧٥٣) .
٢ الحاوي الكبير (١٥/١٦٠) .
٣ زاد المعاد (٥/٧٥٣) .
٤ الإجماع (ص١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>