للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية التي تؤيد رواية يحيى بن أبي كثير وقد رواها الطحاوي، إسنادها أيضاً صحيح، والمولى من بني مخزوم هو زيد أبو عياش كما في الطرق الأخرى للحديث، ولكن قال عنها البيهقي: "هذا يخالف رواية الجماعة في غير موضع، فإن كان محفوظاً فهو إذا حديث آخر"١.

وهذا الحمل الذي ذكره البيهقي متعيِّن؛ لأن في رواية مالك وغيره أنَّ أبا عياش سأل سعداً عن بيع السلت بالبيضاء، فذكر له سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر لعدم التماثل بينهما، فكذلك لا يجوز بين السلت بالبيضاء. وأما في رواية الطحاوي فجاء فيها أن أبا عياش سأل سعداً عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل. والله أعلم.

فإذا ترجّح أن المحفوظ في هذا الحديث هو رواية مالك ومن تابعه عن عبد الله بن يزيد عن زيدٍ أبي عياش عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر". ليس فيه نسيئة، فقد أُعلّ هذا الحديث أيضاً بزيدٍ أبي عياش، فقال فيه أبو حنيفة وابن حزم: مجهول٢.

والجواب عن هذا ما قاله المنذري حيث قال: "كيف يكون مجهولاً وقد روى عنه اثنان ثقتان عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتج بهما مسلم في صحيحه، وقد عرفه أئمة هذا الشأن، هذا الإمام مالك قد أخرج حديثه في موطئه مع شدة تحريه في الرجال ونقده وتتبعه لأحوالهم، والترمذي قد أخرج حديثه وصححه، وصحح حديثه أيضاً الحاكم أبو عبد الله ... "٣ انتهى.


١ معرفة السنن والآثار (٨/٦٣) .
٢ تهذيب التهذيب (٣/٤٢٤) .
٣ مختصر سنن أبي داود (٥/٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>