للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ ذكرِ ليلَى وأينَ ليلَى ... وخيرُ ما نلتَ ما ينالُ

أنشدني أحمد بن يحيى لأم الضحاك المحاربية:

سألتُ المحبِّينَ الَّذينَ تحمَّلوا ... تباريحَ هذا الحبِّ في سالفِ الدَّهرِ

فقلتُ لهمْ ما يُذهبُ الحبَّ بعدَما ... تبوَّأ ما بينَ الجوانحِ والصَّدرِ

فقالُوا شفاءُ الحبِّ يُزيلهُ ... مِن آخرَ أوْ نأيٌ طويلٌ على هجرِ

أوِ اليأسُ حتَّى تذهلَ النَّفسُ بعدَما ... رجتْ طمعاً واليأسُ عوناً علَى الصَّبرِ

وقال آخر:

فيا ربِّ إنْ أهلِكْ ولمْ تُروَ هامَتي ... بليلَى أمتْ لا قبرَ أعطشُ مِنْ قبرِي

وإنْ أكُ عنْ ليلَى سلوتُ فإنَّما ... تسلَّيتُ عنْ يأسٍ ولمْ أسلُ عنْ صبرِ

وإنْ يكُ عنْ ليلَى غنًى وتخلُّدٌ ... فربَّ غنَى نفسٍ قريبٍ منَ الفقرِ

وقال كثيّر:

وإنِّي لآتيكمْ وإنِّي لراجعٌ ... بغيرِ الجوَى مِنْ عندكم لمْ أُزوَّدِ

إذا دبَرانٌ منكِ يوماً لقيتهُ ... أُؤمِّلُ أنْ ألقاكِ بعدُ بأسعدِ

فإنْ يسلُ عنكِ القلبُ أوْ يدعِ الصِّبى ... فباليأْسِ يسلو عنكِ لا بالتَّجلُّدِ

وقال علي بن محمد العلوي:

كانَ يُبكيني الغناءُ سروراً ... فأرانِيَ أبكِي لهُ اليومَ حُزنا

آهِ مِنْ خطرةِ الكبيرِ إذا ما ... خطرَ اليأسُ دونَ ما يتمنَّى

وقال البحتري

أرجُو عواطفَ مِنْ ليلَى ويُؤيِسُني ... دوامُ ليلَى علَى الهجرِ الَّذي تلِدا

ولمْ يعُدْني لها طيفٌ فيفْجَأني ... إلاَّ علَى أبرحِ الوجدِ الَّذي عُهدا

وقال أيضاً

يرجُو مُقارنةَ الحبيبِ ودونهُ ... وجدٌ يُبرِّحُ بالمَهارِي القُودِ

ومتى يُساعدُنا الوصالُ ودهرُنا ... يومانِ يومُ نوًى ويومُ صدودِ

واليأسُ إحدَى الرَّاحتينِ ولنْ ترَى ... تعباً كظنِّ الخائبِ المكدودِ

ولبعض أهل هذا العصر:

سأكفيكَ نفسِي لا كفايةَ غادرٍ ... ولا سامعاً عذلاً ولا متعتّبا

ولكنَّ يأساً لمْ يرَ النَّاسُ مثلهُ ... وصبراً علَى مرِّ المقاديرِ مُنصِبا

وفي دونِ ما بُلِّغتهُ بلْ رأيتهُ ... بلاغٌ ولكنْ لا أرَى عنكَ مَذهبا

وله أيضاً:

حاولتُ أمراً فلمْ يجرِ القضاءُ بهِ ... ولا أرَى أحداً يُعدَى علَى القدرِ

فقدْ صبرتُ لأمرِ اللهِ مُحتسباً ... واليأسُ مِنْ أشبهِ الأشياءِ بالظَّفرِ

فالحمدُ للهِ شكراً لا شريكَ لهُ ... ما أولعَ الدَّهرَ والأيَّامَ بالغيَرِ

وقال البحتري

عزَّيتُ نفسِي ببردِ اليأسِ بعدهمُ ... وما تعزَّيتُ مِنْ صبرٍ ولا جلدِ

إنَّ النَّوى والهوَى شيئانِ ما اجتَمَعا ... فخلَّيا أحداً يصبُو إلى أحدِ

وقال أيضاً

محلَّتُنا والعيشُ غضٌّ نباتهُ ... وأفنيةُ الأيَّامِ خضرٌ ظلالُها

وليلَى علَى العهدِ الَّذي كانَ لمْ تغُلْ ... نَواها ولا حالتْ إلى الصَّدِّ حالُها

وكنتُ أُرجِّي وصلَها عندَ هجرِها ... فقدْ بانَ منِّي هجرُها ووصالُها

ولا قُربَ إلاَّ أنْ يعاودَ ذِكرها ... ولا وصلَ إلاَّ أنْ يُطيفَ خيالُها

وقال الأحوص:

تذكَّرتُ أيَّاماً مضينَ منَ الصِّبى ... وهيهاتَ هيهاتَ إليكَ رجوعُها

تُؤمِّلُ نُعمى أنْ تريعَ بها النَّوى ... ألا حبَّذا نُعمى وسوفَ تريعُها

لعمرِي لراعَتْني نوائحُ غُدوةٌ ... فصدَّعَ قلبِي بالفراقِ جميعُها

فظَلتُ كأنِّي خشيةَ البينِ إذ أنا ... أخُو جِنَّةٍ لا يستبلُّ صريعُها

وقال آخر:

أمَا واللهِ غيرَ قلًى لليلَى ... ولكنْ يا لهُ يأساً مُبينَا

لقدْ جعلتْ دَواوينَ الغَوانِي ... سِوى ديوانِ حبِّكِ يمَّحينَا

وقال بشار بن برد:

أُحبُّ بأنْ أكونَ علَى بيانٍ ... وأخشَى أنْ أموتَ منَ البيانِ

فقدْ أصبحتُ لا فرِحاً بدُنيا ... ولا مُستنكراً دارَ الهوانِ

يُقلِّبُني الهوَى ظهراً لبطنٍ ... فما يخفَى علَى أحدٍ يرَانِي

وقال ذو الرمة:

أفِي كلِّ أطلالٍ بها منكَ جنَّةٌ ... كما جُنَّ مقرونُ الوَظيفينِ نازعُ

<<  <   >  >>