للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنِّي وإيَّاهم كمن نبَّه القطا ... ولو لم ينبه باتت الطَّير لا تسري

عن عروة عن عائشة قالت: وعك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين قدموا المدينة وعكاً شديداً قالت: فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في زيارة أبي ومولاه بلال وعامر بن فُهيرة قالت: فدخلت على أبي بكر فذكرت الحديث ثمَّ قالت: أتيت بلالاً فوجدته يهذي وهو يقول:

ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بفخٍّ وحولي أذخرٌ وجليل

وهل أرِدنَ يوماً مياه تجنَّة ... وهل يبدُوَنْ لي شامةٌ وطفيل

اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام كما أخرجونا من مكة. فرجعت إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلّم بالذي رأيت فقال: " اللهم حبِّب إلينا المدينة كما حبَّبت إلينا مكة وبارك لنا فيها كما باركت لنا في مكة وبارك لنا في صاعنا ومدنا وانقل وباءنا عنا إلى مهيعة ".

وقال زهير:

ومن يغتربْ يحسب عدوّاً صديقَه ... ومن لا يكرّمْ نفسه لم يُكرَّمِ

ومن يجعلِ المعروفَ من دونِ عِرضه ... يَفِرْه ومن لا يتَّقي الشّتم يُشتَمِ

ومن لا يذدْ عن حوضه بسلاحه ... يُهدّمْ ومن لا يظلم النَّاس لا يظلمِ

ويقال أن عمرو بن معد يكرب كان يُعد من الشجعان فلما قال:

إذا لم تستطع شيئاً فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

عُدَّ حينئذٍ من الشعراء.

وقال آخر:

أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيَّامي وحُسن بلائيا

وقد ينبت الدُّنيا عن دمِن الثَّرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا

قال القطامي:

قد يُدركُ المتأنِّي بعضَ حاجته ... وقد يكونُ مع المستعجل الزّلَلُ

والنَّاس من يلقَ خيراً قائلونَ لهُ ... ما يشتهي ولأم المخطئ الهَبَلُ

وذكر أن بعض البصريين ممَّن لم يعرف بقول الشاعر ولا روايته سمع ليلة من الليالي يُنشد:

يا راقد اللَّيل مسروراً بأوَّله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارك

فلمَّا أصبح وجده قد أصيب، لا يعرف سببه، ولا من أصابه.

وقال آخر:

من لم يخف صولة الليالي ... أثر في وجهه الغبارُ

من لم يُؤدِّبْهُ والداه ... أدَّبَهُ اللَّيلُ والنهارُ

وقال الخليل بن أحمد:

عش ما بَدَا لك قصرُك الموت ... لا مهربٌ منه ولا فوْتُ

ولربّ محمود صنائعه ... أودى فماتَ الذّكر والصَّوتُ

وقال سعيد بن حميد:

أحسنت ظنَّك بالأيَّام إذْ حسنتْ ... ولم تخف شرّ ما يأتي به القدرُ

وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وحين تصفو اللَّيالي تحدث الغيرُ

وقال آخر:

من تحلَّى بغير ما هو فيه ... فضحته شواهد الامتحانِ

وأخو العلم تعرف العين منه ... حركات من غير لفظ لسانِ

وقال ربيعة الرقي:

إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه ... شكا الفقر أوْ لام الصديق فأكثرا

فسرْ في بلادِ الله والتمس الغِنَى ... تعشْ ذا فساد أوْ تموتَ فتُعذرا

[الباب الحادي والتسعون]

[ذكر]

[ما اشتبهت معانيه واتفقت أعجازه وقوافيه]

قال أبو بكر: قد جاء في شعر شعراء الجاهلية والإسلام ما يوافق بعضها بعضاً فمنها ما يتفق في المعنى دون اللفظ ومنها ما يتفق في المعنى واللفظ، فمن ذلك ما يقوي أسباب التهمة فيكاد العالم يقنع بأن المتأخر قد سرقه من المتقدم، مثل ما وقع في شعر امرئ القيس من شعر أبي دؤاد الإيادي فتقع التهمة قوية بامرئ القيس لا رواية أبي دؤاد، وكذلك يقوي التهمة بزهير فيما وقع من شعر مشبهاً لشعر أوس بن حجر، لأنه روايته، والإسلاميون أيضاً كذلك تتأكد التهمة على الرَّجُل إذا كان رواية لرجل فوجد في شعره ما يشبه شعره ككثيّر وجميل ومن جرى مجراهما ممَّن يكون الباب بتسميته. ومن لم يكن رواية شاعر بعينه إلا أنَّه علامةٌ، وبالرواية مشهور، لم يعذر محرماً لا يعرف الأخبار ولا يروي الأشعار، ونحن نقدم في هذا الباب ما يشاكل ترجمته ثمَّ نعود على ما تبقى من السرقات بعد ذلك فنذكره بعد الفراغ إن شاء الله، وقال امرؤ القيس:

فقالت ولن يُبخل عليك ويُعتللْ ... يسؤْكَ وإن يُكشف غرامُك تدْربِ

وهذا يشاكل قول طرفة بن العبد:

<<  <   >  >>