للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصبحت تتفل في شحم الذُّرى ... وتعد اللوم داراً يُنتهبْ

لا تلمْها إنَّها من نسوةٍ ... ملحُها موضوعة فوق الركبْ

الوحمى: الَّتي تشتهي شيئاً، فشبه شهوتها للصخب بذلك، وتتفل في شحم الذرى، أي تعود الإبل. وتعد اللوم درّاً: أي تحرص عليه كما تحرص على نهب الدر، وملحها موضوعة فوق الركب، حكي عن ابن الأعرابي عن الأصمعي أنَّه قال: إنَّها زنجية، والملح: السمن قال: سمنها في عجيزتها، ويقال: ملح الغلام وحلم: إذا سمن بمعنى واحد.

ومنه قول أوس:

إلى سنةٍ جرذانها لم تَحَلَّم

وقال آخر:

ربّ شيخ رأيته صار كلباً ... ثمَّ من ساعتين صار غزالا

رب ثورٍ رأيت في حُجر نملٍ ... وقطاة تحمل الأثقالا

صار غزالاً من قول الله عز وجل فصُرن إليك، أي فاضممهنَّ إليك، يقول: ضمَّ إليه كلباً ثمَّ ضم إليه غزالاً في ساعتين، وثور: دابة، شبه القرادة، رآه في حجر نمل. وقطاة: يعني الَّتي مع القتب تشبه البكرة وتشد عليها الحبال.

وقال آخر:

أكلت دجاجتين وديكتان ... كما أكل المفضل ديكتان

يريد دجاج تين وديك تين المرأتين أيضاً كما قال المفضل ديك تان من التناء.

وقال آخر:

شربنا فأدلجنا وكانت ركابنا ... يسرن بنا في غير برِّ ولا بحر

مطايا يُقرّبن البعيد وإنَّما ... يقربن أشلاء الكريم من القبر

وقال آخر:

فما مقبلات مُديبرات...... ... مفرقة الأسماء واللونُ واحدُ

يصادف في إعراضهنَّ حلاوة ... ومنهن مُرّات وسخن وباردُ

يصف الأيَّام في إعراضهن من المكروه والمحبوب.

وأنشدني أحمد بن يحيى في صفة البرغوث:

يُؤرقني حدبٌ صغار أذلةٌ ... وإن الَّذي يؤذيهُ لذليلُ

إذا ما قتلناهن أضعفن كثرة ... علينا ولا يُنْعى لهن قتيلُ

وقال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز:

حُمّلت أمراً عظيماً فاصطبرتَ له ... وقُمتَ فيه بأمر الله يا عُمرا

فالشَّمس كاسفة ليست بطالعة ... تبكي عليك نجومَ اللَّيل والقمرا

يعني الشَّمس ليست بكاسفة نجوم اللَّيل ولا القمر وقد تبكي عليك بين فعل الشَّمس ومفعولها.

وقال آخر:

ألا لا تصل لاتصل ... حرامٌ عليك فلا تفعلِ

فإن المصلي إلى ربه ... من النَّار في الدرك الأسفلِ

الصلا: الدرك ومنه للفرس الَّذي يجيء تالي السابق المصلى فكأنه ينهاه عن إتيان جاريته في الدبر في مصلاها وليس هذا في النَّار المصلي.

وقال آخر:

إنَّني شيخ كبير ... كافر بالله سيري

أنت ربي وإلهي ... رازق الطفل الصغير

كافر: مغطى بالله. سيري: ابتدأه.

[الباب التسعون]

[ذكر]

[المعاني الظاهرة والأمثال السائرة]

قال طرفة بن العبد:

ستبدي لك الأيَّام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تُزوّدِ

فيقال أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلّم كان يتمثل بقوله: ويأتيك من لم تزود بالأخبار. وروي عن ابن عباس أنَّه قال: " ويأتيك بالأخبار من لم تزود " كلمة نبي، وحكى لنا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يتمثل:

تنفك تسمع ما بقيت بهالك حتَّى تكونه

والمرء قد يرجو الرجاء مغيّباً والموتُ دونه

العباس بن محمد بن عثمان بن محمد قال: كان عمر ينشد هذا البيت:

قد طفق النَّاس تعلوهم أكارعهم ... وعتّق الطَّير تعلوه العصافير

وحكي عن عثمان رضي الله عنه أنَّه تمثل:

فلو كنت مأكولاً فكن أنت آكلي ... وإلاَّ فأدركني وإلاَّ أمزَّق

عن ابن سيرين عن عبيدة أنَّه قال: إن علي بن أبي طالب عليه السلام إذا أعطى فرأى ابن ملجم قال:

أريدُ حياته ويُريدُ قتلي ... عذيركَ من خَيلك من مُراد

وبلغني أن الحسين بن علي عليهما السلام دخل على معاوية وهو عليل فتشدد معاوية وجلس وأنشأ يتمثل ببيت له:

وتجلدي للشامتين أُريهمُ ... أنِّي لريب الدَّهر لا أتضعضعُ

ويروى أن يزيد بن معاوية تمثل يوم الحرَّة بقول ابن الزبعرى:

ليت أشياخي ببدر شَهدوا ... جزعَ الخزرج من وَقْع الأسَل

وبلغني أن عبد الملك بن مروان تمثل:

أظنّ صروف الدَّهر بيني وبينكم ... سَتحملهُم منِّي علَى مَركب وعرِ

<<  <   >  >>