للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أليس في مائتي عام لكم عبرٌ ... يسقونكم جُرعاً من بعدها جُرَعُ

هيهات لا بدّ أن يوفوا بصاعِهمُ ... صاعاً وأن يحصدوا غير الَّذي زرعوا

وقال آخر:

لا تقبلوا عقلاً وأمّوا بغارةٍ ... إلى عبد شمسٍ بين دَوْمَة فالهضَبِ

وهزّوا صدور المشرفيّ كأنّما ... يقَعْنَ بهام القوم في حنظلٍ رطبِ

قال طريح بن إسماعيل:

لا تأمننَّ امرءاً أسلمت مهجته ... غيظاً وإنْ قلتَ أن الجرحَ يندملُ

واقبلْ جميل الَّذي يبدي وجازيه ... وليحرسنَّك من أفعاله الوجلُ

وقال آخر:

لا أصلح الله حالي إن أمرتكُمُ ... بالصلح حتَّى تُصيبوا آل شدّادِ

قوم أصابوكُم في غير مظلمةٍ ... إلاَّ لقيلٍ وقال الظّالم العادي

أوْ تجعلوا مضر الحمراء دونهُم ... أوْ تخرجوهم من أحداد وأحدادِ

حتَّى يُقالَ لوادٍ كان مسكنُهمْ ... قد كنت تُسْكَنُ حيناً أيها الوادي

وقال آخر:

ظلمتم فاصبروا للظُّلم إنّا ... سنصبر إنَّها الحسبُ الكريمُ

وشرُّ الجازعين إذا أصيبتْ ... قوادمُ ريشه الجزعُ الظلومُ

وكنّا قاعدين أقمتمونا ... علَى حقدٍ فقد قُمنا فقوموا

قال آخر:

أتظن يا إدريسُ أنك مفلتٌ ... كيدَ ابن أغلب أوْ يَقيكَ فرارُ

فليدركنَّك أوْ تحلّ ببلدةٍ ... لا يهتدي فيها إليك نهارُ

إن السيوف إذا انتضاها سُخطهُ ... طالت وتقصرُ دونها الأعمارُ

ملك كأن الموت يتبع قوله ... حتَّى يقالَ تطيعه الأقدارُ

قال آخر:

وأقدِمْ علَى الأمر الَّذي إن تُلاقِهِ ... يرحْكَ بموت أو يُدانيك من ظفرْ

فما قدّم الأقدام موتاً مؤخراً ... ولا يدفع التأخير ما قدّم الحذرْ

قال رويشد الطائي:

يا أيُّها الرَّاكب المُزجي مطيَّتَهُ ... سائل بني أسدٍ ما هذه الصوتُ

وقلْ لهمْ بادروا بالعذر والتمسوا ... أمراً ينجيكُمُ إنِّي أنا الموتُ

إنْ تُذنبوا ثمَّ لا يعتب سَراتِكمُ ... فما عليَّ بذنبٍ منكمُ فوتُ

قال البحتري:

نهيتك عن تعرّضٍ عرض حرٍّ ... فإن الذّم من شأنِ الذّميمِ

وقلت توَقَّ محتملاً بودي ... علَى الأضعانِ بالحلم الكريمِ

فما خرق السفيه وإن تعدّى ... بأبلغ فيك من رفق الحليمِ

مَتَى أخرجت ذا كرمٍ تخطّى ... إليك ببعض أخلاق اللئيمِ

وممَّا يدخل في باب التهاون بالتوعيد والاحتقار بالإنذار والتهدد ما بلغنا أن عبد الله بن العباس كان يتمثل إذا رأى عبد الله بن الزبير به:

أطلْ حمل الشناءة لي وبغضي ... بجهدك وانظرَنْ من ذا تضيرُ

فما بيديك خيرٌ أرتجيه ... وغيرُ صدودك الخطبُ الكبيرُ

إذا أبصرتني أعرضتَ عنّي ... كأنَّ الشَّمس من قلبي تدورُ

قال الأعشى في نحو ذلك:

يزيد بغض الطرف دوني كأنَّما ... زوى بين عينيه عليَّ المحاجمُ

فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ... ولا تلقني إلاَّ وأنفك راغمُ

قال آخر:

وإذا قلتُ ويك للكلب وأخسأ ... لحظتني عيناك لحظة تُهمَه

أترى أنَّني حسبتك كلباً ... أنت عندي من أبعد النَّاس همه

وفي نحوه يقول جرير:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ... أبشر بطول سلامة يا مِربعُ

وفي مثله:

أوْ كلّما طنَّ الذبابُ زجرتُهُ ... إن الذباب إذاً علَى كريمُ

وفي مثله:

نبئتُ كلباً هاب شتمي له ... يَنْبَحُني من موضع نائي

لو كنتَ من شيء هجوناك أوْ ... نثبت للسامع والرائي

فعَدِّ عن شتمي فإنِّي امرؤٌ ... حلَّمني قِلَّةُ أكفائي

قال آخر:

عادات طيٍ في بني أسدٍ ... ريِّ القنا وخضاب كل حسام

لا تكثرن جزعاً فإنِّي واثق ... برماحنا وعواقب الأيَّام

فلو لم نعرف قبيلة هذا القائل، ومقصده من غير شعره لم ندرِ أطيئ المهجوّون أم هم الممدحون، وكذلك الحال في بني أسد.

قال آخر:

وما لي ذنب عند قيس علمتهُ ... سوى أنَّني من رهط بكر بن وائل

من الوائليين الذين سيوفُهمْ ... مجرَّدةُ في كل حق وباطل

قال آخر:

<<  <   >  >>