للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصافيةٍ تغشي العيون رقيقةٍ ... رهينةِ عام في الدّنانِ وعامِ

أدرنا بها الكأس الرّويّة موهناً ... من اللَّيل حتَّى انجاب كلّ ظلامِ

فما ذرَّ قرن الشَّمس حتَّى كأنَّنا ... من العيِّ نحكي أحمد بن هشامِ

وقال آخر:

ما العيشُ إلاَّ في جنون الصِّبا ... فإن تولَّى فجنون المُدام

راحٌ إذا ما الشَّيخ والى بها ... خمساً تردَّى برداءِ الغُلام

قال آخر:

كأنَّ أباريقَ المُدام لديهم ... ظِباءٌ بأعلى الرّقمتينِ قيامُ

وقد شربوا حتَّى كأنَّ رقابَهم ... من اللّين لم يُخلق لهنَّ عِظام

وقال آخر:

وصفراء قبلَ المزج بيضاء بعده ... كأنَّ شُعاع الشَّمس يلقاكَ دونَها

ترى العين تستعفيك من لمعانها ... وتحسِرُ حتَّى ما تقِلُّ جُفونها

وقال أبو نواس:

ترى حيث ما كانت من البيتِ مشرقاً ... وما لم تكن فيه من البيتِ مَغربا

إذا عَبَّ فيها شارب الخمر خلتَهُ ... يُقبِّل في داجٍ من اللَّيل كوكبا

قال ديك الجن:

فاصرف بوجهك صرف الماء يومك ذا ... حتَّى تُرى قائماً منها ومنصرفا

فقام مختلفاً كالظّبي مُلتفتاً ... والبدرِ مُطّلعاً والغصنِ منعطفا

رقَّت غلالةُ خدَّيه فلو رُميا ... باللَّحظ أوْ بالمُنى همَّا بأن يَكفا

كأنَّ قافاً أُديرت فوق وجْنته ... واختطّ كاتبُها من فوقها ألفا

فاستلَّ راحاً كبيض رافقت جُحفاً ... خلائقاً أوْ كنار صادفت سَعَفا

صفراء أو قلَّ ما اصفرَّت فأنت ترى ... ذوباً من التبر رصُّوا فوقه صدفا

ولم أزلْ من ثلاثٍ واثنتين ومن ... خمس وعشرٍ وما استعلى وما لطفا

وأمتري ودق سمطي لؤلؤ بردٍ ... عذبٍ وأرشفُ ثغراً قطُّ ما رشفا

حتَّى حسبت أنوشروان من خَوَلي ... وخلتُ أنَّ نديمي عاشرُ الخلفا

قال الأخطل:

إذا ما نديمي علَّني ثمَّ علَّني ... ثلاث زجاجات لهنَّ هديرُ

خرجتُ أجرُّ الذَّيل حتَّى كأنَّني ... عليك أميرَ المؤمنين أميرُ

قال الطائي:

صبَّحتُهُ بسلافةٍ صبَّحتُها ... بسلافةِ الخلطاءِ والنُّدماءِ

بمدامة تغدو المنى لكؤوسها ... خَوَلاً علَى السَّرَّاءِ والضّرَّاءِ

راحٌ إذا ما الرَّاحُ كانَ مطيُّها ... كانتْ مطايا الشَّوقِ في الأحشاءِ

صعُبتْ وراض المزج سيئَ خلقها ... فتعلمت من حُسن خَلق الماءِ

خرقاءُ يلعبُ بالعقول حَبَابُها ... كتلاعب الأفعال بالأسماءِ

وضعيفة فإذا أصابت فرصةً ... قتلت كذلك قدرةُ الضعفاءِ

جَهمِيَّة الأوصافِ إلاَّ أنَّهم ... قد لقَّبوها جوهرَ الأشياءِ

وقال البحتري:

فاشربْ على زهرِ الرياضِ يشوبهُ ... زهرُ الخدودِ وزهرةُ الصهباءِ

من قهوةٍ تُنسي الهمومَ وتبعث ال ... شوقَ الذي قد ضلَّ في الأحشاءِ

يخفي الزجاجةَ لونُها فكأنَّها ... في الكفِّ قائمةٌ بغيرِ إناءِ

يُسقيكها رشأ يكودُ يروِّها ... سُكري بفترة مقلة حوراءِ

يسعى بها وبمثلها مَن طرفُهُ ... عَوْداً وإبداءً علَى النُّدماءِ

قال أبو نواس:

تخيرتْ والنجوم وقفٌ ... لم يتمكن بها المدارُ

حتَّى إذا غابَ كلُّ ذامٍ ... وخُلِّص السَّرّ والنجارُ

آلت إلى جوهرٍ كطيفٍ ... عيانُ موجوده ضمارُ

لا ينزلُ اللَّيل حيثُ حلَّت ... فدهرُ شُرَّابها نهارُ

حتَّى لو استودعت سراراً ... لم يخف في ضوئها السِّرارُ

كأنَّ في كأسِها سراباً ... يجلبهُ المهمهُ القفارُ

قال البحتري:

لنا في الدَّهر آمال طوالٌ ... نُرجِّيها وأعمارٌ قصارُ

وأهون بالخطوب علَى خليعٍ ... علَى اللّذَّاتِ ليس لهُ عِذارُ

فأخَّر يومَهُ سكرٌ تجلَّى ... غيابته وأوَّله خمارُ

ويومٌ بالمطيرة أمطرتنا ... سماءٌ صوبُ وابلها عقارُ

أقمنا أكلنا أكل استلابٍ ... هناك وشُربُنا شربُ بدارُ

تنازعنا المُدامة وهي صرف ... وأعجلنا الطوابخ وهي نارُ

ولم يك ذاك سخفاً غير أنِّي ... رأيت الشّرب سُخفهمُ الوقارُ

<<  <   >  >>