للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكانَ منِّي فعالُ سوءٍ ... يحسنُ في مثلهِ التَّجنِّي

إنَّ شفيعِي إليكَ منِّي ... دموعُ عَيني وحسنُ ظنِّي

فبالَّذي ساقَني ذليلاً ... إليكَ ألا عفوتَ عنِّي

وقال آخر:

كلُّ يومٍ يقولُ لي لكَ ذنبٌ ... يتجنَّى ولا يرَى ذاكَ منِّي

فأنا الدَّهرَ في اعتذارٍ إليهِ ... فإذا ما رضِي فليسَ يُهنِّي

ربَّما جئتهُ أُسلِّفهُ العذ ... رَ لبعضِ الذُّنوبِ خوفَ التَّجنِّي

وقال علي بن الجهم:

عفا اللهُ عنكَ ما حرمةٌ ... أعوذُ بعفوكَ أنْ أُبعدا

ألمْ ترَ عبداً عدَا طورهُ ... ومولًى عفا ورشيداً هدَى

ومفسدَ أمرٍ تلافيتَهُ ... فعادَ فأصلحَ ما أفسدَا

أقِلْني أقالكَ مَنْ لمْ يزلْ ... يَقيكَ ويصرفُ عنكَ الرَّدى

لئنْ جلَّ ذنبٌ ولمْ أعتمدْهُ ... لأنتَ أجلُّ وأعلَى يدَا

وقال البحتري:

يُخوِّفني مِنْ سوءِ رأيكَ معشرٌ ... ولا خوفَ إلاَّ أنْ تجورَ وتظلما

أُعيذكَ أنْ أخشاكَ مِنْ غيرِ حادثٍ ... أتيتُ ولا جرمٌ إليكَ تقدَّما

أُقرُّ بما لمْ أجنِهِ متنصِّلاً ... إليكَ علَى أنِّي إخالُكَ ألوَما

وقال أيضاً:

وعتابِ خلٍّ قدْ سمعتُ فلم أكنْ ... جلدَ الضَّميرِ علَى استماعِ مُمِضِّهِ

طافَ الوشاةُ بهِ فأحدثَ ظلمةً ... في جوِّهِ ووعورةً في أرضهِ

غضبانُ حمِّلَ إحْنَةً لوْ حُمِّلتْ ... ثبَجَ الصَّباحِ لثُقِّلتْ مِنْ نهضهِ

مهلاً فداكَ أخوكَ قدْ ألهيتهُ ... عنْ لهوهِ وشغلتهُ عن غُمضهِ

خزْيانُ أكبرَ أنْ تظنَّ جنايةً ... في بسطهِ لصديقهِ أوْ قبضهِ

ماذا توهَّمُ أن يقولَ وقولهُ ... في نفسهِ ولسانهُ في عِرضهِ

أنَبوتُ عنكَ بزعمهمْ ومتى نَبَا ... في حالةٍ بعضُ امرئٍ عن بعضهِ

وقال بعض أهل هذا العصر:

أخوكَ الَّذي أمسَى بذكركَ مُغرما ... يتوبُ إليكَ اليومَ ممَّا تقدَّما

فإنْ لم تصلهُ رغبةً في وصالهِ ... ولمْ تكُ مشتاقاً فصِلْهُ تكرُّما

فقدْ والَّذي عافاكَ ممَّا ابتلَى بهِ ... تندَّمَ لوْ أرضاكَ أنْ يتندَّما

وباللهِ ما كانَ الصُّدودُ الَّذي مضَى ... ملالاً ولا كانَ الجفاءُ تبرُّما

فلا تحرِبَنْ بالغدرِ مَنْ صدَّ مُكرهاً ... وأظهرَ إعراضاً وأبدَى تجهُّما

فلمْ يُلههِ عنكَ السُّلوُّ وإنَّما ... تأخَّرَ لمَّا لم يجدْ مُتقدَّما

وقال آخر:

كُحلتْ مقلَتِي بشوكِ القَتادِ ... لم أذُقْ مذْ حُممتَ طعمَ الرُّقادِ

يا أخِي الباذلُ المودَّةَ والنَّا ... زلُ مِنْ مقلتِي مكانَ السَّوادِ

مَنَعَتْني عليكَ رقَّةُ قلبِي ... مِنْ دُخولي عليكَ في العوَّادِ

لو بأُذني سمعتُ منكَ أنيناً ... لتَفَقَّا معَ الأنينِ فؤادِي

وقال علي بن الجهم:

إنَّ دونَ السُّؤالِ والاعتذارِ ... خطَّةٌ صعبةً علَى الأحرارِ

ليسَ جهلاً بها تورَّدها الح ... رُّ ولكنْ سوابقُ الأقدارِ

إرضَ للسَّائلِ الخضوعِ وللقا ... رفِ ذنباً مضاضةَ الاعتذارِ

وقال آخر:

هاجرتْنِي ثمَّ لا كلَّمتْني أبداً ... إنْ كنتُ خنتكِ في حالٍ منَ الحالِ

أوِ انتجيتُ نجِيّاً في خيانتكمْ ... وخفتُ خطرَتَها منِّي علَى بالِ

فسوِّغيني المُنى كيما أعيشَ بها ... ثمَّ اطلقِي البخلَ ما أطلقتِ آمالي

ولبعض أهل هذا العصر:

أتوبُ إليكَ مِنْ نقضِ العهودِ ... لتؤمنَ مقلَتِي منَ السُّهودِ

أسأتُ فلا تُعنَّى بالدَّعاوى ... فها أنذا أُقرُّ بلا شهودِ

وقدْ كانَ الجحودُ عليَّ سهلاً ... ولكنِّي أنِفتُ منَ الجحودِ

فقلْ لِي لا عدمتكَ مِنْ مسيءٍ ... بما استحللتَ نقضَ عُرى العهودِ

ألا يا نفسُ قد أخطأتِ فيما ... أتيتِ فإنْ نجوتِ فلا تعُودِي

فكمْ جانٍ تجافَى غيرَ جهلٍ ... فعادَ فلمْ يذقْ طعمَ الهجودِ

وقال منصور النمري:

لعلَّ لهُ عذراً وأنتَ تلومُ ... وكمْ لائمٍ قد لامَ وهو مُليمُ

أخٌ لكَ مشتاقٌ تذكَّرَ خلَّةً ... لها عندهُ ودٌّ فباتَ يهيمُ

<<  <   >  >>