للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتبكي علَى ليلَى ونفسكَ باعدتْ ... مزاركَ مِنْ ليلَى وشعباكُما معَا

وما حسناً أنْ تأتيَ الصَّرمَ طائعاً ... وتجزعَ أنْ داعي الصَّبابةِ أسمعَا

قِفا ودِّعا نجداً ومَنْ حلَّ بالحمى ... وقلَّ لنجدٍ عندنا أنْ يودَّعا

وأذكرُ أيَّامَ الحمى ثمَّ ألتوِي ... علَى كبدِي مِنْ خشيةٍ أنْ تصدَّعا

وليستْ عشيَّاتِ الحمى برواجعٍ ... عليكَ ولكنْ خلِّ عينيكَ تدمعَا

وقال أبو تمام:

أصغَى إلى البينِ مغترّاً فلا جرَما ... إنَّ النَّوى أسأرتْ في عقلهِ لمَمَا

أصمَّني سرُّهم أيَّامَ فرقتهمْ ... هل كنتَ تعرفُ شيئاً يورِثُ الصَّمما

نأَى فظلَّتْ لوشكِ البينِ مقلتهُ ... تُبدي نجيعاً ويُبدي جسمهُ سقَما

أظلَّهُ البينُ حتَّى أنَّه رجلٌ ... لو ماتَ مِنْ شغلهِ بالبينِ ما علِما

وقال علي بن الجهم:

يا رحمَتا للغريبِ في البلدِ النَّا ... زحِ ماذا بنفسهِ صنَعا

فارقَ أحبابهُ فنا انتفعُوا ... بالعيشِ مِنْ بعدهِ ولا انتفعَا

وقال المجنون:

فإن ترجعِ الأيَّامُ بيني وبينَها ... بذي الأثلِ صيفاً مثلَ صيفِي ومربَعي

أشدُّ بأعناقِ النَّوى بعدَ هذهِ ... مرائرَ إنْ جاذَبتها لمْ تقطَّعِ

وقال زياد بن أبي زياد:

أطعتُ بها قولَ الوشاةِ فلا أرَى ال ... وشاةَ انتهَوْا عنَّا ولا الدَّهرَ اعْتَبا

فلا تكُ كالنَّاسِي الخليلِ إذا دنتْ ... بهِ الدَّارُ والباكِي إذا ما تغيَّبا

وقال هدبة بن خشرم:

ألا يا لقومِي للنَّوائبِ والدَّهرِ ... وللمرءِ يُردِي نفسهُ وهوَ لا يدرِي

ألا ليتَ شِعري هل إلى أُمِّ معمرٍ ... علَى ما لَقينا مِنْ ثناءٍ ومِنْ هجرِ

تباريحُ يلقاها الفؤادُ صبابةً ... إليها وذِكراها علَى حينِ لا ذكرِ

فيا قلبُ لمْ يألفْ كإلفكَ آلفٌ ... ويا حبَّها لم يغرِ شيءٌ كما تُغري

وما عندَها للمستهامِ فؤادهُ ... بها إنْ ألمَّتْ مِنْ جزاءٍ ومِنْ شكرِ

وقال آخر:

بكرتْ عليكَ فهيَّجتْ وجدا ... بِسُرى الرِّياحِ وأذكرتْ نجدا

أتحنُّ مِنْ شوقٍ إذا ذكرتْ ... نجدٌ وأنتَ تركتَها عمدا

وقال آخر:

ألا هل إلى ليلَى قُبيلَ منيَّتي ... سبيلٌ وهلْ للنَّاجعينَ رجوعُ

إلى اللهِ أشكُو نيَّةً شقَّتِ العصا ... هيَ اليومَ شتَّى وهي أمسِ جميعُ

لعمركَ إنِّي يومَ جرعاءِ مالكٍ ... لعاصٍ لأمرِ العاذلين مُضيعُ

مضَى زمنٌ والنَّاسُ يستشفعونَ بي ... فهلْ لي إلى ليلَى الغداةَ شفيعُ

ندمتُ علَى ما كانَ منِّي ندامةً ... كما ندمَ المغبونُ حينَ يبيعُ

فقدتُك مِنْ قلبٍ شجاعٍ فإنَّني ... نهيتكَ عن هذا وأنتَ جميعُ

وقرَّبتَ لي غيرَ القريبِ وأشرفتْ ... هناكَ ثنايا ما لهنَّ طلوعُ

وقال الوليد بن عبيد الطائي:

قلْ للرِّياحِ إذا جريتِ فبلِّغي ... كبدِي نسيماً مِنْ جنابِ نسيمِ

أُخدعتُ عنكَ وأنتَ بدرٌ خادعٌ ... للَّيلِ عن ظلمٍ بهِ وغيومِ

وظلمتُ نفسِي جاهداً في ظلمِها ... فاسمعْ مقالةَ ظالمٍ مظلومِ

كرُمَ الزَّمانُ ولمتُ فيكَ ولا أرَى ... عجباً سوَى كرمِ الزَّمانِ ولوْمي

لا كانَ حبِّي أينَ كانَ وأنتَ لي ... ملكٌ وعهدي منكَ غيرُ ذميمِ

الآنَ أطمعُ في الوصالِ ودونَنا ... عينُ الرَّقيبِ وبابُ إبراهيمِ

وقال الأحوص:

فوا ندَمِي إذْ لم أعجْ إذْ تقولُ لي ... تقدَّمْ فشيِّعنا إلى ضحوةِ الغدِ

فأصبحتُ ممَّا كانَ بيني وبينها ... سوَى ذكرِها كالقابضِ الماء باليدِ

وقال الحسين بن مطير الأسدي:

لقد كنتُ جلداً قبلَ أن توقدَ النَّوى ... علَى كبدِي ناراً بطيئاً خمودُها

وقد كنتُ أرجو أنْ تموتَ صبابتي ... إذا قدمتْ أيَّامُها وعهودُها

فقدْ جعلتْ في حبَّةِ القلبِ والحشا ... عهودَ الهوَى تُولَى بشوقٍ يعيدُها

وقال آخر:

هممتَ بفرقةٍ والموتُ فيها ... كأنَّكَ حتفَ نفسكَ تستثيرُ

فلا تجسرْ علَى أمرٍ قويٍّ ... عليكَ فربَّما هلكَ الجسورُ

<<  <   >  >>