للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعوْتُ ربِّي دُعائي فاستجابَ لهُ ... كما دعا ربَّهُ نوحٌ وأيَّوبُ

أن ينزعَ الدَّاءَ من قلبي ويجعلهُ ... في قلبِ سُلمى وحملُ الدَّاءِ تعطيبُ

لِيُبرئَ اللهُ قلباً من صبابتهِ ... فلا أحنُّ إذا حنَّ المطاريبُ

قلبي بنجدٍ وأجلادي تهاميةٌ ... ما بعد هذا منَ التَّعذيبِ تعذيبُ

وقال جران العود ومن النَّاس من يرويه لذي الرمة:

أيا كبدي كادتْ عشيَّةَ غُرَّبٍ ... منَ الوجدِ إثرَ الظَّاعنينَ تصدَّعُ

عشيَّةَ ما فيمنْ أقامَ بغُرَّبٍ ... مُقامٌ ولا فيمنْ مضى مُتسرَّعُ

عشيَّةَ ما لي حيلةٌ غيرَ أنَّني ... بلفظِ الحصى والخطِّ في الدَّارِ مولعُ

أخطُّ وأمحو كلَّ خطٍّ خططْتُهُ ... بكفِّيَ والغِربانُ في الدَّارِ وقَّعُ

كأنَّ سناناً فارسيّاً أصابني ... علَى كبدي بلْ لوعةُ الحبِّ أوجعُ

وما يُرجعُ الشَّوقُ الزَّمانَ الَّذي مضى ... ولا للفتى في دمنةِ الدَّارِ مَجزعُ

فما كانَ مشؤوماً لنا طائرُ الهوَى ... ولا ذلَّ للبينِ الفؤادُ المروَّعُ

وأنشدنا أحمد بن أبي طاهر لطفيل الغنوي:

وما أنا بالمُستنكرِ البينِ إنَّني ... بذي لطَفِ الجيرانِ قِدْماً مُفجَّعُ

جديرٌ بهِ من كلِّ حيٍّ لقيتهُمْ ... إذا أنسٌ عزُّوا عليَّ تصدَّعوا

وقال آخر:

أمَّا الرَّحيلُ فحينَ جدَّ ترحَّلتْ ... مهجُ النُّفوسِ لهُ عنِ الأجسادِ

من لم يمُتْ والبينُ يصدعُ شملَهُ ... لم يدْرِ كيفَ تفتُّتُ الأكبادِ

وقال إسحاق الموصلي:

إقْرَ السَّلامَ علَى الذَّلفاءِ إذْ شحطَتْ ... وقُلْ لها قد أذقْتِ القلبَ ما خافا

فما وجدْتُ إلى إلفٍ فُجعتُ بهِ ... وجدي عليكِ وقد فارقتُ أُلاَّفا

وأنشدني أحمد بن أبي طاهر:

خليليَّ إنِّي لم أجدْ بردَ مشربٍ ... ولا طعمَ نومٍ مُذْ نأتْ أمُّ حاجبِ

وما زالَ مذْ لم يلقها القلبُ صادياً ... وإن كانَ يُسقى من لذيذِ المشاربِ

وقال آخر:

أحجَّاجَ بيتِ اللهِ في أيِّ هودجٍ ... وفي أيِّ خِدرٍ من خدوركمُ قلبي

أأبقى أسيرَ الحبِّ في أرضِ غُربةٍ ... وحاديكمُ يحدو بقلبي معَ الرَّكبِ

وقال الحسين الخليع:

بنفسي حبيبٌ أَمَّ مكَّةَ مُكرهاً ... يُعالجُ مستوراً منَ الحزنِ والألمْ

كلانا وحيدٌ لا يُسرُّ بمؤْنسٍ ... منَ النَّاسِ حتَّى تنقضي الأشهرُ الحرمْ

أحنُّ إلى شهرِ المحرَّمِ ليتهُ ... غَداةَ غدٍ قد كانَ أوْ بانَ فانصرمْ

أُلامُ علَى شُغلي بمن أنا شغلهُ ... إذا طافَ أوْ أصغى إلى الرُّكنِ فاستلمْ

سترْنا بظهرِ الغيبِ ما كانَ بيننا ... ونحفظُ عهدينا علَى رغمِ منْ رغمْ

وقال ذو الرمة:

أراحَ فريقُ جيرتِكَ الجِمالا ... كأنَّهمُ يريدونَ انتقالا

فكدْتُ أموتُ من حزنٍ عليهمْ ... ولمْ أرَ صاحبَ الأظعانِ آلا

وميَّةُ في الظَّعائنِ وهيَ شكَّتْ ... سوادَ القلبِ فاقتُتِلَ اقتتالا

ولمْ أرَ مثلَها نظراً وعيناً ... ولا أُمَّ الغزالِ ولا الغزالا

هيَ السُّقمُ الَّذي لا بُرءَ منهُ ... وبُرءُ السُّقمُ لو بذلتْ نوالا

وقال معقل بن عيسى أخو أبي الدلف:

لَعمري لئنْ قرَّتْ بقُربكَ أعينٌ ... لقد سخنَتْ بالقربِ منكَ عيونُ

فسرْ أوْ أقمْ وقْفٌ عليكَ مودَّتي ... مكانُكَ منْ قلبي عليكَ مصونُ

وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

راحوا ورحنا علَى آثارهمِ أُصُلاً ... مُحمِّلينَ منَ الأثقالِ أوقارا

كأنَّ أنفُسنا لم ترتحلْ معنا ... أوْ سرنَ في أوَّلِ الحيِّ الَّذي سارا

وقال آخر:

عجِلَ الفِراقُ بما كرهْتُ وطالما ... كانَ الفِراقُ بما كرهْتُ عجولا

وأرى الَّتي هامَ الفؤادُ بذكرِها ... أصبحْتُ منها فارغاً مشغولا

وقال آخر:

بنفسيَ مَنْ أُمسي وأُضحي لنأيهِ ... وشوقي إليهِ في عناءٍ وفي كرْبِ

فإنْ يرتحلْ جسمي معَ الرَّكْبِ مُكرهاً ... يُقمْ عندها قلبي وأمضي بلا قلبِ

ولبعض أهل هذا العصر:

<<  <   >  >>