للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهاب الخفاجي وأسلوب المجاز العقلي:

جاء في طراز المجالس للشهاب الخفاجي م سنة ١٠٦٩هـ ما نصه:

قال الأبهري في شرح العضد: الفاعل لا بد أن يكن سببًا قابليًّا لفعله ليصح الإسناد إليه لغة، فإذا أسند فعل إلى ما لا يكون سببًا قابليا له يجعل مجازًا عن فعل آخر مناسب١ له يكون الفاعل قابليًّا٣ له، ويكفي في هذا التسبب أن يعد الفاعل سببًا قابليًّا له في عرف العرب وعادتهم ولا يجب أن يكون محلًّا له في الحقيقة، فإنهم لا ينظرون في الإسناد إلى ذلك، ويرون جهة الإسناد -في نحو: سرتني رؤيتك ومات زيد وضرب عمرو- واحدة من حيث أن الفاعل فيها سبب قابل لأفعاله عادة وإن كان موجدها هو الله حقيقة، فقول الشيخ عبد القاهر: "الإسناد في سرتني رؤيتك مجاز إذ فاعله في الحقيقة هو الله والمعنى سرني الله عند رؤيتك، وفي الآخرين حقيقة" بعيد؛ لأن موجد الضرب أيضًا هو الله لما ثبت من قاعدة خلق الأفعال، وكذا محدث الموت اتفاقًا لكن العرب لا يخطر ببالهم عند إسناد الضرب إلى عمرو والمسرة للرؤية أن فاعلها غير المذكور. قال الشهاب: وهذا كلام دقيق، ولكن فيه بحث من وجهين:

١- كيف يتم قوله: إذا أسند فعل إلى ما لا يكون سببًا قابليًّا له يجعل مجازًا عن فعل آخر مناسب له يكون الفاعل قابليًّا له، فإنه يقتضي أنه لو أسند إلى الموجد الحققي كخلق الله السموات والأرض يكون مجازًا، وهذا يأباه العقل والنقل، وكون هذا لا بد فيه من التجوز في


١ هو هنا يجعل الإسناد غير حقيقة، ويؤول المجاز فيجعله في الفعل، من حيث أول الزمخشري فجعله في الفاعل، وعبد القاهر والسكاكي والخطيب فجلعوه في الإسناد.
٢ يرد عبد القاهر في الأسرار على نظرية أن المجاز في الفعل وحده ردا مفصلًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>