الفعل أيضًا لا وجه له لجواز التجوز في الإسناد، فما وجه الحصر؟.
٢- كيف يشترط في الإسناد الحقيقي أن يكون الفاعل سببًا قابليًّا، دائمًا في اللغة. بناء على أن الفاعل اللغوي غير الفاعل الحقيقي، مع أن اللغة واستعمال العرب يشهد بخلافه في مواضع كثيرة: منها ما ذكر من الإسناد للموحد، ومنها أن الفعل يوضع للإعدام الصرفة كفقد وعدم وقد يسند للرجل حقيقة ما يقبله غيره ويقوم به مثل قطف، وهذا كله يقتضي أن الحقيقة والمجاز. يدوران على اعتبار اللغة وواضعها.
والذي تحرر عندي وهو ما رد به الأبهري: أن الفاعل الواقع في التخاطب لا سيما في اللسان العربي هو من تلبس بالفعل وقام به أو كان سببًا قابليًّا عاديًا في الإثبات، أو ما هو في حكمه، وليس هذا على الإطلاق بل إذا كان الشيء موجدًا وفاعلًا حقيقيًّا. وكان له أمر آخر قام به أو نسب له على الوجه المذكور فإنه يسند حقيقة إلى الثاني دون الأول، فإن لم يكن إلا الأول كخلق الله السموات يسند حقيقة إلى الموجد، وإنما الكلام ومحل النزاع هو الأول، ثم السبب القابل ليس المراد به ما هو كذلك حقيقة بل هو وما جرى مجراه، ولذا عول فيه على عادة العرب في عرف تخاطبهم، ومن كان له دراية وطالع أساس البلاغة للعلامة وفقه اللغة للثعالبي وقف على سر هذا "٢٠٤-٢٠٦ طراز المجالس".