للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا: لاقتضائه أن لا تكون ليس في نحو قولنا ليس كل إنسان كاتبًا مفيدة لنفي كاتب، هذا إن حمل كلامه على ظاهره وإن تؤول بأن مراده أن التقديم يفيد سلب الحقوق المحمول عن كل فرد، والتأخير يفيد سلب لحقوقه لكل فرد اندفع هذا الاعتراض، لكن كان مصادرة ١ على المطلوب.

واعلم أن٢ المعتمد في المطلوب الحديث وشعر أبي النجم، وما نقلناه عن الشيخ عبد القاهر وغيره لبيان السبب وثبوت المطلوب لا يتوقف عليه. والاحتجاج بالخبر٣ من وجهين: أحدهما أن السؤال بأم عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم على الإبهام، فجوابه إما بالتعيين أو بنفي كل واحد منهما٤، وثانيهما ما روي أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم يكن" قال له ذو اليدين: بعض ذلك قد كان، والإيجاب الجزئي نقيضه السلب الكلي، وبقول٥ أبي النجم ما أشار إليه الشيخ عبد القاهر وهو أن الشاعر فصيح، والفصيح الشائع في مثل قوله نصب كل وليس فيه ما يكسر له وزنًا، وسياق كلامه أنه لم يأت بشيء مما ادعت.


١ لأن الدعوى عين الدليل.
٢ هذا هو توجيه المصنف للمسألة بعد أن ناقش الآراء وعرضها.
٣ وهو الحديث.
٤ قال المطول بعد أن ذكر ذلك: ردا على المستفهم وتخطئة له في اعتقاد ثبوت أحدهما، لا ينفي الجمع بينهما؛ لأنه لم يعتقد ثبوتهما جميعًا، فيجب أن يكون قوله: "كل ذلك لم يكن" نفيًا لكل منهما.
٥ أي والاحتجاج بقول أبي النجم وهو:
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... على ذنبا كله لم أصنع
برفع "كله" على أنه مبتدأ والجملة بعده خبر والضمير العائد محذوف أي "لم أصنعه". وقال سيبويه بعد أن أنشد البيت بالرفع: "فهذا ضعيف وهو بمنزلته في غير الشعر؛ لأن النصب لا يكسر البيت ولا يخل به ترك الهاء فكأنه قال غير مصنوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>