للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجه النفي إلى أصل الفعل وعم ما أضيف إليه١ كل كقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله: "كل ذلك لم يكن"، أي لم يكن واحد منهما، لا القصر ولا النسيان وقول أبي النجم:

قد أصبحت أم الخيار تدعى ... على ذنبا كله لم أصنع

ثم قال٢: وعلة ذلك أنك إذا بدأت بكل كنت قد بنيت النفي عليه وسلطت الكلية على النفي وأعملتها فيه، وإعمال معنى الكلية في النفي يقتضي أن لا يشذ شيء عن النفي، فأعرفه. هذا لفظه٣. وفيه نظر٤.

وقيل٥ إنما كان التقديم مفيدًا للعموم دون التأخير؛ لأن صورة التقديم تفهم سلب "لحقوق" المحمول للموضوع وصورة التأخير تفهم سلب الحكم من غير تعرض للمحمول بسلب أو لثبات.. وفيه نظر


١ فالمسند إليه المسور بكل إذا أخر عن أداة السلب يفيد سلب العموم، وعلى مذهب عبد القاهر يفيد النفي عن بقاء الكل مع أصل الفعل.
٢ أي عبد القاهر.
٣ أي لفظ عبد القاهر.
٤ قال صاحب المطول: لأنا نجده حيث لا يصلح أن يتعلق الفعل ببعض كقوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ، {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم} ، {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} ، فالحق أن هذا الحكم أكثري لا كلي. هذا ومن البدهي أنه قد سبق تعليلان لهذه المسألة تعليل صاحب المصباح وتعليل عبد القاهر ... ولابن السبكي تعليل آخر ارتضاه، وهو أن "لم يقم كل إنسان" سالبة محصلة معناها نقيض لمعنى الموجبة المحصلة وهي "قام كل إنسان" حكمًا على كل فرد بالقيام فيكون المحكوم به في السالبة المحصلة نقيض قيام كل فرد ونقيض الكلي جزئي فيكون مدلوله سلب القيام عن بعضهم.
٥ هذا تعليل آخر للمسألة التي نحن بصددها.

<<  <  ج: ص:  >  >>