للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قيل هي لامتناع الشيء لامتناع غيره، ويلزم كون جملتيها فعليتين وكون الفعل ماضيًا، فدخولها على المضارع في نحو قوله تعالى: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّم} ، لقصد استمرار الفعل فيا مضى وقتًا فوقتا كما في قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِم} بعد قوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون} وفي قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: ٧٩] ، ودخولها عليه١ في نحو قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [السجدة: ١٢] ، وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سبأ: ٣١] ، لتنزيله منزلة الماضي لصدوره عمن لا خلاف في إخباره كما نزل "يود" منزلة "ود" في قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا٢} ، ويجوز أن يرد الغرض.


= لأكرمتك لكنك لم تجئ" أعني عدم الإكرام بسبب عدم المجيء، قال الحماسي:
"ولو طار ذو حافر قبلها ... لطارت ولكنه لم يطر"
يعني أن عدم طيران تلك الفرس بسب أنه لم يطر ذو حافر قبلها، وقال أبو العلاء المعري:
"ولو دامت الدولات كانوا كغيرهم ... رعايا ولكن ما لهن دوام
وأما المنطقيون فقد جعلوا "أن" "ولو" أداة للزوم وإنما يستعملونها في القياسات لحصول العلم بالنتائج فهي عندهم للدلالة على أن المعلم بانتفاء الثاني علة للعلم بانتفاء الأول ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللام من غير التفات إلى أن علة انتفاء الجزاء في الخارج ما هي؟ وقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} وأرد على هذه القاعدة، لكن الاستعمال على قاعدة اللغة هو الشائع المستفيض.
١ أي على المضارع.
٢ وإنما كان الأصل ههنا الماضي؛ لأنه قد التزم ابن السراج وأبو علي في الإيضاح أن الفعل الواقع بعد رب المكفوفة بما يجب أن يكون ماضيًا؛ لأنها للتقليل في الماضي ومعنى التقليل ههنا أنه يدهشهم أهوال القيامة فيبهتون فإن وجدت منهم إفاقة ما تمنوا ذلك، وقيل هي مستعارة أي منقولة للتكثير أو للتحقيق ومفعول يود محذوف لدلالة لو كانوا مسلمين عليه ولو للتمني حكاية لودادتهم. وإما على رأي من جعل لو التي للتمني حرفًا مصدريًّا، فمفعول "يود" هو قوله "لو كانوا مسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>