إذا بعدت أبلت وإن قربت شفت ... فهجرانها يبلي ولقيانها يشفي المراد "أبلتني" و"شفتني" إلا أنك تجد الشعر يأبى ذكر ذلك ويوجب إطراحه، وذلك؛ لأنه أراد أن يجعل البلى كأنه واجب في بعادها أن يوجبه ويجلبه وكأنه كالطبيعة فيه، وكذلك حال الشفاء مع القرب "١٢٥ دلائل". والظاهر أن هذه المثل كلها عند السكاكي من حذف المفعول لقصد مجرد الاختصار وقد صرح بأن الآية: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَن} من هذا النوع "٩٩ مفتاح". ١ وإن كان عبد القاهر يجعله مثل ما عطف عليه في "توفير العناية على إثبات الفعل". ٢ هذا الضرب مقابل للضرب الأول السابق وهو ما كان "الغرض فيه إثبات المعنى في نفسه للفاعل على الإطلاق أو نفيه عنه كذلك". وفي مختصر المطول: "إن لم يكن الغرض عند عدم ذكر المفعول مع الفعل المتعدي المسند إلى فاعله إثباته لفاعله أو نفيه عنه مطلقًا بل قصد تعلقه بمفعول غير مذكور وجب التقدير بحسب القرائن. وفي الدسوقي أن الإطلاق هنا في عبارة المختصر المراد به من غير قصد إلى تعلقه بمفعول، وليس المراد به "أي بالإطلاق هنا" هو المراد بالإطلاق السابق. وهذه ملاحظة لها أهميتها.