للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البحتري:

لو شئت عدت بلاد نجد عودة ... فحللت بين عقيقة وزروده١

وقوله:

لو شئت لم تفسد سماحة حاتم ... كرمًا ولم تهدم مآثر خالد٢

فإن كان في تعليق الفعل به غرابة ذكرت المفعول لتقرره في نفس السامع وتؤنسه به، يقول الرجل يخبر عن عزه لو شئت أن أرد على الأمير رددت وإن شئت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته، وعليه قول الشاعر٣:

ولو شئت أن أبكي دمًا لبكيته ... عليه ولكن ساحة الصبر أوسع

فأما قول أبي الحسين علي بن أحمد الجوهري أحد شعراء الصاحب بن عباد:

فلم يبق مني الشوق غير تفكري ... فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرًا٤

فليس منه٥؛ لأنه لم يرد أن يقول فلو شئت أن أبكي تفكرًا


١ العقيق والزرود من نجد: موضعان بها. والبيت في ص١١٠ مفتاح و١٢٨ من الدلائل.
٢ هو للبحترى أيضًا. حاتم المراد به حاتم الطائي. خالد هو خالد بن أصبع النبهاني الذي نزل عليه امرؤ القيس. والبيت في١٢٦ من الدلائل.
٣ هو الخزيمي يرثي ابنه ونسبه الدسوقي لأبي الهندم الخزيمي يرثي ابنه الهندام، والبيت في١٢٦ من الدلائل.
هذا والشاهد في بيت الإيضاح ذكر المفعول "أن أبكي دمًا" فإن تعلق فعل المشيئة بكاء الدم غريب فذكره ليتقرر في نفس السامع ويأنس به.
٤ البيت في الدلائل ص١٢٨.
٥ هذا رد على المطرزي صاحب ضرام السقط، وقوله فليس منه أي ليس مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها به على ما ذهب إليه المطرزي من أن المراد لو شئت أن أبكي تفكرًا بكيت تفكرًا؛ لأن تعلق المشيئة ببكاء التفكر غريب كتعلقها ببكاء الدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>