أي أذني، "وأغضيت عليه" أي بصري، ومنه قوله تعالى:{أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} أي ذاتك، وقوله تعالى:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} ، أي بعثه الله، وقوله تعالى:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون} أي أنه لا يماثل، أو ما بينه وبينها من التفاوت، أو أنها لا تفعل كفعله كقوله تعالى:{هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} ويحتمل أن يكون المقصود نفس الفعل من غير تعميم أي وأنتم من أهل العلم والمعرفة ثم ما أنتم عليه في أمر ديانتكم من جعل الأصنام لله أندادًا غاية الجهل. ومما عد السكاكي الحذف فيه لمجرد الاختصار قوله تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ مَاخَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا}[القصص: ٢٣] ، والأولى أن يجعل
١ الآية الكريمة جعل عبد القاهر حذف المفعول فيه للتوفر على إثبات الفعل للفاعل أو كما قال السعد: للقصد إلى نفس الفعل بتنزيله منزلة اللازم، أو كما قال الخطيب: لإثبات المعنى في نفسه للشيء على الإطلاق. قال الخطيب: وهو ظاهر كلام الزمخشري: "فإنه قال: "ترك المفعول؛ لأن الغرض هو الفعل لا المفعول ألا ترى أنه رحمهما؛ لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي ولم يرحمهما؛ لأن مذودهما غنم ومسقيهم إبل مثلًا"، وكذا قولهما "لا نسقي" المقصود منه السقي لا المسقي، وكلام الزمخشري على نهج كلام عبد القاهر. قال عبد القاهر: حذف المفعول في أربعة مواضع في الآية، إذ المعنى يسقون أغنامهم أو مواشيهم، وامرأتين تذودان غنمهما، ولا نسقي غنمنا، فسقى لهما غنمهما، ثم إنه لا يخفى على ذي بصر أنه ليس في ذلك كله إلا أن يترك ذكره ويؤتي بالفعل مطلقًا، وما ذاك إلا أن الغرض في أن يعلم أنه كان من الناس في تلك الحال سقي ومن المرأتين ذود، وأنهما قالتا: لا يكون منا سقي حتى يصدر الرعاء، وأنه كان من موسى من بعد ذلك سقي. فأما ما كان المسقي؟ أغنمًا أو إبلًا أم غير ذلك، فخارج عن الغرض وموهم خلافه، وذلك أنه لو قيل: وجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما جاز أن يكون لم ينكر الذود من حيث هو ذود بل من حيث هو ذود غنم حتى لو كان مكان الغنم إبل لم ينكر الذود، ففي حذف المفعول وترك ذكره فائدة جليلة، والغرض لا يصلح إلا على. =