٢ أي رفع الميتة وإن كان طريق القصر في القراءة الأولى إنما وفي الثانية تعريف الطرفين. وتقرير هذا الكلام أن في الآية ثلاث قراءات: حرم مبنيا للفاعل مع نصب الميتة، ورفعها، وحرم مبنيًّا للمفعول مع رفع الميتة: فعلى القراءة الأولى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّم} ما في إنما كافة إذ لو كانت موصولة لبقيت "إن" بلا خبر، ولبقي الموصول بلا عائد. وجعلها موصولة والعائد ضمير مستتر والخبر محذوف، والتقدير "إن الذي حرم أي هو الميتة الله تعالى" عكس للمعنى المقصود الذي هو بيان المحرم لا بيان المحرم، فضلًا عما في ذلك من التكلف. وعلى القراءة الثانية: "إنما حرم عليكم الميتة"، ما موصولة لتكون الميتة خبر، إذ لا يصح ارتفاعها بحرم المبني للفاعل على ما لا يخفى من أن المحرم إنما هو الله تعالى لا الميتة والمعنى أن الذي حرمه الله عليكم هو الميتة. ثم على هذه القراءة لا يصح أن تكون "ما" كافة ورفع الميتة على أنه خبر لمحذوف والمعنى "إنما حرم الله عليكم شيئًا هو الميتة" لما فيه من التكلف ووجه إفادة القصر على القراءة الثانية هو تعريف الطرفين لما مر في تعريف المسند من أن نحو "المنطلق زيد" وزيد المنطلق" سواء جعلت اللام موصولة أو حرف تعريف يفيد قصر الإنطلاق على زيد: فإذا كانت إنما متضمنة معنى ما وإلا وكان معنى القراءة الأولى ما حرم الله عليكم إلا الميتة كانت مطابقة للقراءة الثانية، وإلا لم تكن مطابقة لها لإفادة القراءة الثانية القصر فمراد السكاكي والمصنف بقراءة النصب والرفع هو القراءة الأولى والثانية في المبنى للفاعل ولهذا لم يتعرضا للاختلاف في لفظ حرم بل في لفظ الميتة رفعًا ونصبًا. وإما على القراء ة الثالثة: أعني رفع الميتة وحرم مبنيًّا للمفعول، فيحتمل أن تكون ما كافة أي ما حرم عليكم إلا الميتة، وأن تكون موصولة أي أن الذي حرم عليكم هو الميتة، ويرجح كونها موصولة هذا ببقاء أن عاملة على ما هو أصلها والقصر طريقة على الوجه الأول "إنما" وعلى الثاني التعريف، وبعضهم توهم أن مراد السكاكي والمصنف بقراءة الرفع هذه القراءة الثالث فطالبهما بالسبب في اختيار كونها موصولة مع أن الزجاج اختار أنها كافة.