للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنهم قالوا إن ما قلتم من أنا بشر مثلكم هو كما قلتم لا ننكره ولكن ذلك لا يمنع أن يكون الله تعالى قد من علينا بالرسالة١ ... وأصل الثالث٢ أن يكون ما استعمل له مما يعلمه المخاطب ولا ينكره على عكس الثاني، كقولك: "إنما هو أخوك"، "وإنما هو صاحبك القديم" لمن يعلم ذلك ويقر به وتريد أن ترققه٣ عليه وتنبهه لما يجب عليه من حق الأخ وحرمة الصاحب، وعليه قول أبي الطيب "في كافور"٤:

إنما أنت والد والأب القا ... طع أحنى من واصل الأولاد

لم يرد أن يعلم كافورًا أنه بمنزلة الوالد، ولا ذاك مما يحتاج كافور فيه إلى الإعلام ولكنه أراد أن يذكره منه بالأمر المعلوم ليبني عليه استدعاه ما يوجبه ... وقد ينزل المجهول لمنزلة المعلوم٥ لادعاء المتكلم ظهوره فيستعمل له الثالث٦، نحو: {إِنَّمَا نَحْنُ ٧ مُصْلِحُون} ادعوا أن كونهم مصلحين ظاهر جلي، ولذلك جاء: {أَلا إِنَّهُمْ هُم


١ فلهذا أثبتوا البشرية لأنفسهم، وأما إثباتها بطريق القصر فليكون على وفق كلام الخصم.
٢ أي إنما. والثاني أي الطريق الثاني "وهو ما وإلا".
٣ أي أن يجعل من يعلم ذلك رقيقًا مشفقًا على أخيه، والأولى بناء على ما ذكرنا -من أن إنما تستعمل في مجهول شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره حتى إن إنكاره يزول بأدنى تنبيه- أن يكون هذا المثال من الإخراج لا على مقتضى الظاهر، فيكون المصنف لم يمثل لإخراج إنما على مقتضى الظاهر.
٤ راجع البيت والكلام عليه في الدلائل ص٢٥٤.
٥ فإنما موضوعه للقصر في:
١- الحكم المعلوم الذي لا ينكر والغرض منها حينئذ التعريض.
٢- الحكم المجهول الذي يدعي أن فيه فضل انكشاف وجلاء، والغرض منها حينئذ الرد على المخاطب أو التعريض.
هذا رأي عبد القاهر. والسكاكي يرى أنها لا تستعمل إلا في الثاني.
٦ أي إنما.
٧ راجع ٢٧٤ من الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>