للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبح "هل زيدًا ضربت١" لما سبق أن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل والشك فيما قدم عليه، ولم يقبح "هل زيدًا ضربته" لجواز تقدير المحذوف والمفسر مقدمًا كما مر٢.

وجعل السكاكي٣ قبح "هل رجل عرف" لذلك٤ أي لما قبح له "هل زيدًا ضربت"، ويلزمه أن لا يقبح نحو "هل زيد عرف٥" لامتناع تقدير التقديم والتأخير فيه عنده على ما سبق٦.


١ أي من كل مثال تركيب هو مظنة للعلم بحصول أصل النسبة وهو ما يتقدم فيه المفعول على الفعل. وسر القبح كما ذكر أن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل فيكون هل لطلب حصول الحاصل وهو محال. وإنما لم يمتنع لاحتمال أن يكون زيدًا مفعول فعل محذوف أو أن تقديمه للاهتمام لا للتخصيص وحينئذ فلا يكون التقديم مستدعيًا للتصديق بحصول الفعل فلا تكون هل لطلب حصول الحاصل، لكن ذلك خلاف الظاهر -قال السعد: وفيه نظر؛ لأنه لا وجه لتقبيحه حينئذ سوى أن الغالب في التقديم هو الاختصاص وهذا يوجب أن يقبح "وجه الحبيب أتمنى" على قصد الاهتمام دون الاختصاص ولا قائل به، وعلى هذا يكون القبح مخصوصًا بتقدير الفعل وحينئذ يراعي ما حصل في نفس الأمر فإن قصد التخصيص امتنع وإن قصد تقدير الفعل قبح وإن قصد الاهتمام لم يقبح ولا يراعي في القبح المظنة كما في ابن يعقوب.
٢ فيكون التقدير هل ضربت زيدًا ضربته فيكون السؤال حينئذ عن أصل ثبوت الفعل لا عن المفعول.
٣ راجع ١٣٣ من المفتاح.
٤ أي؛ لأن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل لما سبق من مذهبه من أن الأصل "عرف رجل" على أن "رجل" بدل من الضمير في "عرف" قدم للتخصيص.
٥ لأن تقديم المظهر المعرفة ليس للتخصيص عنده حتى يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل مع أنه قبيح بإجماع النحاة للفصل بين هل والفعل بالاسم مع أنها إذا رأت الفعل في حيزها لا ترضى إلا بوجوده بجوارها، قال الشاعر:
مليحة عشقت ظبيا حوى حورا ... فمذ رأته سعت فورًا لخدمته
كهل إذا ما رأت فعلًا بحيزها ... حنت إليه ولم ترض بفرقته
٦ فإن التقديم فيه ليس للتخصيص المستدعي لحصول التصديق بأصل للفعل. بل للا هتمام قالوا: وفيه نظر؛ لأن ما ذكره من اللزوم ممتنع لجواز أن لا يقبح لعلة أخرى فانتفاء علة من علل القبح وهي كون التقديم للتخصيص لا يستلزم انتفاء جميع العلل بل يجوز أن يقول فيه بالقبح لعلة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>