للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلل غيره١ القبح فيهما بأن أصل هل أن تكون بمعنى قد إلا أنهم تركوا الهمزة قبلها لكثرة وقوعها في الاستفهام٢.

وهل تخصص المضارع بالاستقبال٣ فلا يصح أن يقال هل تضرب زيدًا وهو أخوك٤ كما تقول "أتضرب زيدًا وهو أخوك٥"؟


١ أي غير السكاكي وهو الزمخشري في المفصل، وقوله القبح فيهما أي في هل رجل عرف "وهل زيد عرف".
٢ أي وقوع هل في الاستفهام فأقيمت هي مقام الهمزة وقد تطفلت عليها في الاستفهام وقد من خواص الأفعال فكذا ما هي بمعناها وإنما لم يقبح "هل زيد قائم"؛ لأنها إذا لم تر الفعل في حيزها تسلت عنه بخلاف ما إذا رأته فإنها لا ترضى كما قلنا إلا بوجوده بجوارها.
٣ بعد أن كان محتملًا له وللحال، وذلك بحكم الوضع كالسين وسوف، وأما الماضي والجملة الاسمية فيبقيان بعد هل على حالهما.
٤ لأن الضرب واقع هنا في الحال على ما يفهم عرفًا من قوله: وهو أخوك.
٥ قصدًا إلى إنكار الفعل الواقع في الحال بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون. وذلك؛ لأن هل تخصص المضارع بالاستقبال فلا يصح مجيئها لإنكار الفعل الواقع في الحال، بخلاف الهمزة فإنها تصلح لإنكار الفعل الواقع؛ لأنها ليست مخصصة للمضارع بالاستقبال، وهذا الامتناع جار في كل ما يوجد فيه قرينة تدل على أن المراد إنكار الفعل الواقع في الحال سواء عمل ذلك المضارع في جملة حالية كقولك "أتضرب زيدًا وهو أخوك" - لأن الاستفهام هنا للتوبيخ والتوبيخ لا يكون إلا بالهمزة- أو لم يعمل في جملة حالية كقوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون} وكقولك أتؤذي أباك، وأتشتم الأمير، فلا يصح وقوع فعل في هذه المواضع.
هذا وقد أخطأ العلامة الشيرازي في تعليله للامتناع بأن الفعل المستقبل لا يجوز تقييده بحال، وهو سهو ظاهر لجواز أن تقول مثلًا سأدخل الامتحان غدًا.
قال الشاعر -سعد بن ناشب- الحماسي:
سأغسل عني العار بالسيف جالبًا ... على قضاء الله ما كان جالبَا
وقال تعالى: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين} و {يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيْهِ الْأَبْصَار، مُهْطِعَيْنَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>