للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذين أعني اختصاصها بالتصديق وتخصيصها المضارع بالاستقبال كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيًّا أظهر كالفعل١. أما الثاني فظاهر وأما الأول؛ فلأن الفعل لا يكون إلا صفة والتصديق حكم بالثبوت أو الانتفاء والنفي والإثبات إنما يتوجهان إلى الصفات لا الذوات.

ولهذا٢ كان قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُون} أدل على طلب الشكر من قولنا: "فهل تشكرون" و"فهل أنتم تشكرون"٣ إن إبراز


١ أي؛ لأن هل مختصة بطلب التصديق فلا تجيء لغير التصديق؛ ولأنها تخصص المضارع بالاستقبال كان لها مزيد اختصاص بما زمانيته ظاهرة وهو الفعل فلما كانت تخصص المضارع بالاستقبال دون الاسم كان لها مزيد اختصاص بالفعل دون الاسم؛ لأن الفعل المضارع نوع من مطلق الفعل واللازم للنوع لازم للجنس. والزمان جزء من مفهوم الفعل بخلاف الاسم فإنه إنما يدل عليه حيث يدل بعروضه له.
وأما اقتضاء تخصيصها المضارع بالاستقبال لمزيد اختصاصها بالفعل فظاهر لما تقدم.
وأما اقتضاء كونها لطلب التصديق لمزيد اختصاصها بالفعل؛ فلأن التصديق هو الحكم بالثبوت أو الانتفاء -أي هو إدراك أن النسبة الحكمية مطابقة للواقع أو غير مطابقة- والانتفاء أو الثبوت إنما يتوجهان إلى المعاني والأحداث التي هي مدلولات الأفعال لا إلى الذوات التي هي مدلولات الأسماء.
وقوله بما كونه زمانيًّا أظهر أي بالشيء الذي زمانيته أظهر وهو الفعل، فما موصولة، وكونه مبتدأ خبره أظهر وزمانيًّا خبر الكون.
٢ أي؛ لأن لها مزيد اختصاص بالفعل بحيث إذا عدل بها عن موالاته الفعل كان للاعتناء بالمعدول إليه.
وراجع في ذلك ٣٤ من المفتاح.
٣ مع أنه مؤكد بالتكرير؛ لأن أنتم فاعل فعل محذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>