فيا عجبًا للقلب كيف اعترافه ... وللنفس لما وطنت كيف لت؟ وقل أبي تمام: ما للخطوب طغت علي كأنها ... جهلت بأن نداك بالمرصاد وقول أبي الطيب وقد أصابته الحمى: أبنت الدهر عندي كل بنت ... فكيف وصلت أنت من الزحام وقول إحدى النساء تشكو ابنا لها: أنشا يمزق أثوابي يؤدبني ... أبعد شيبي يبتغي عندي الأدبا؟ وقول الآخر: ما أنت يا دنيا؟ أرؤيا نائم ... أم ليل عرس أم بساط سلاف ومن خروج أدوات الاستفهام إلى الاستبطاء قول البهاء: مولاي إني في هو اك معذب ... وحتام أبقى في العذاب وأمكث وقوله: يا أنعم الناس قل لي ... إلى متى فيك أشقى وقول ابن خفاجة الأندلسي: فحتى متى أبقى ويظعن صاحب ... أودع منها راحلًا غير آيب وحتى متى أرعى الكواكب ساهرًا ... فمن طالع أخرى الليالي وغارب وقول صفوت الساعاتي: وحتى متى وإلى كم طول وعدكمو ... أما له أجل قبل انقضا أجلي ١ وخروج أداة الاستفهام هنا إلى هذا المعنى من باب المجاز المرسل الذي علاقته اللزومية إذ هو من استعمال اسم الملزوم في اللازم، فالاستفهام عن الشيء يستلزم تنبيه المخاطب عليه وتوجيه ذهنه إليه وذلك يستلزم تنبيه للضلال، ويجوز أن يجعل اللفظ مستعملًا في الاستفهام ليتوصل به إلى ذلك على طريق الكناية أو أن يجعل من مستتبعات التراكيب فلا يكون مجازًا ولا كناية كما يجوز ذلك في سائر ما يخرج إليه الاستفهام من معان بلاغية. وراجع ١٣٦ من المفتاح.