للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغراض البلاغية التي يخرج إليها أسلوب الاستفهام:

ثم إن هذه الألفاظ كثيرًا ما تستعمل في معان غير الاستفهام بحسب ما يناسب المقام١، منها:

الاستبطاء:

نحو كم دعوتك٢؟، وعليه قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} ؟.

ومنها التعجب:

نحو قوله: {مَاْ لِيَ لَاْ أَرَىْ الْهُدْهُدَ} ٣؟


١ ودلالتها على هذه المعاني مجاز مرسل أو كناية أو من مستتبعات التركيب.
٢ فالاستفهام عن عدد دعائه إياه للجهل به، المستلزم لاستنكاره عادة أو ادعاء؛ لأن القليل منه يكون معلومًا، واستكثاره يستلزم الإبطاء كذلك أي عادة أو ادعاء. فالاستفهام عن عدد دعائه إياه يستلزم الاستبطاء بهذه الوسائط فاستعمل لفظ الاستفهام في الاستبطاء.
وكذلك قوله تعالى: {مَتَى نَصْرُ اللَّه} ؟، فالاستفهام عن زمان النصر يستلزم الجهل بزمانه، والجهل بما يستلزم استبعاده عادة أو ادعاء، واستبعاده يستلزم الاستبطاء.
فخروج أداة الاستفهام إلى الاستبطاء إذا حمل على المجاز المرسل كانت علاقته السببية إذ هو من إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب.
٣ فالاستفهام عن سبب عدم رؤيته الهدهد سيستلزم الجهل به المناسب للتعجب عن المسبب أعني عدم الرؤية، فهو إذا حمل على المجاز المرسل من باب استعمال اسم الملزوم في اللازم؛ لأن سؤال العاقل عن حال نفسه مثلًا يستلزم جهله به والجهل به يستلزم التعجب منه؛ لأنه كان لا يغيب عن سليمان عليه السلام إلا بإذنه فلما لم يبصره مكانه تعجب من حال نفسه في وقت عدم إبصاره إياه، ولا يخفى أنه لا معنى الاستفهام العاقل عن حال نفسه. وقول صاحب الكشاف نظر سليمان إلى مكان =

<<  <  ج: ص:  >  >>