للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم١ أن هذه الأربعة -أعني التمني والاستفهام والأمر والنهي- تشترك في كونها قرينة دالة على تقدير الشرط٢ بعدها، كقولك ليت لي ما لا أنفقه أي أن أرزقه وقولك أين بيتك أزرك أي أن تعرفنيه وقولك أكرمني أكرمك أي إن تكرمني، قال الله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي} ، بالجزم، فأما قراءة الرفع: فقد حملها الزمخشري على الوصف، وقال السكاكي الأولى حملها على الاستئناف دون الوصف لهلاك يحيى قبل زكريا عليهما السلام وأراد بالاستئناف أن يكون جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله، فكأنه لما قال فهب لي وليًّا قيل ما تصنع به؟، فقال: يرثني، فلم يكن داخلًا في المطلوب بالدعاء، وقولك: لا تشتم يكن خير لك أي إن لا تشتم.

وأما العرض كقولك لمن تراه لا ينزل: ألا تنزل تصب خيرًا أي أن تنزل فمولد من الاستفهام وليس به؛ لأن التقدير أنه لا ينزل


١ رجع ١٣٣ و١٣٧ و١٣٨ من المفتاح.
٢ أي فعل الشرط أي مع الأداة - ويطلق الشرط أيضًا على الأداة وعلى التعليق.
فإذا قصدت السببية وجب الجزم وإلا وجب الرفع على الصفة أو الحال أو الاستئناف على حسب المعنى المراد.
وسر جواز تقدير الشرط بعد هذه الأربعة أن الحامل للمتكلم على الكلام الطلبي كون المطلوب مقصودًا للمتكلم أما لذاته أو لغيره لتوقف ذلك الغير على حصوله، وهذا معنى الشرط، فإذا ذكرت الطلب وذكرت بعده ما يصلح توقفه على المطلوب غلب على ظن المخاطب كون المطلوب مقصودًا لذلك المذكور بعده لا لنفسه، فيكون إذا معنى الشرط -وهو توقف الشيء على الشيء- ظاهرًا في الطلب -أي في الكلام الطلبي- مع ذكر ذلك الشيء. ولما جعل النحاة الأشياء التي يضمر حرف الشرط بعدها خمسة أشياء المصنف إلى ذلك بقوله: "وأما العرض فمولد من الاستفهام".

<<  <  ج: ص:  >  >>