للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما إلا بترك التحقيق١ والبناء على شيء عرفي٢، مثل جعل كلام الأوساط على مجرى متعارفهم في التأدية للمعاني فيما بينهم.

ولا بد من الاعتراف بذلك مقيسًا عليه ولنسمه متعارف الأوساط٣.


١ أي التعريف المبين لمعناهما. والسعد فهم أنه تعيين مقدار كل بحيث لا يزيد عليه ولا ينقص عنه. أي لا يمكن التنصيص على أن هذا المقدار من الكلام فيه إيجاز وذلك فيه إطناب إذ رب كلام موجز يكون مطنبًا بالنسبة إلى كلام آخر وبالعكس. فزيد المنطلق موجز بالنسبة لزيد هو المنطلق ومطنب بالنسبة لزيد منطلق فلا يمكن تعيين مقدار من الكلام للإيجاز والإطناب؛ لأنهما نسبيين والمنسوب إليه مختلف المقدار فلذلك نجد الكلام الواحد بالنسبة إلى قدر إيجاز وإلى قدر آخر إطنابًا.
٢ أي يعرفه أهل العرف في أداء المقاصد من غير رعاية بلاغة ومزية -فهو مضبوط في الجملة؛ لأن أفراده وإن تفاوتت لكنها متقاربة ومعرفة مقداره لا تتعذر غالبًا. فإذا كان المنسوب إليه وهو الأمر العرفي مضبوطًا في الجملة "وهو الأمر العرفي" كان المنسوب كذلك.
٣ أي الذين ليسوا في مرتبة البلاغة ولا في غاية الفهامة بل كلامهم يؤدي أصل المعنى المراد أعني المطابقي من غير اعتبار مطابقة مقتضى الحال ولا اعتبار عدمها ويكون صحيح الإعراب فالأوساط هم العارفون باللغة وبوجوه صحة إعرابها دون الفصاحة والبلاغة فيعبرون عن مرادهم بكلام صحيح الإعراب من غير ملاحظة النكات التي يقتضيها الحال فهم إنما يعرفون اللفظ الموضوع للمعنى فعبارتهم محدودة بذلك في قدرتهم اختلاف العبارات بالطول والقصر إذ ذلك إنما يكون من البلغاء بسبب تصرفهم في لطائف العبارات.
راجع في ذلك ١٠٥/ ١ من البيان والتبيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>