للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِك} أي: فلا تحزن١ واصبر فإنه قد كذبت رسل من قبلك، وقوله: {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِين} أي فيصيبهم مثل ما أصاب الأولين.

وأدلة الحذف٢ كثيرة٣ منها٤:

أن يدل العقل على الحذف والمقصود الأظهر٥ على تعيين المحذوف كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} الآية، وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الآية، فإن العقل يدل على الحذف لما مر٦ والمقصود الأظهر يرشد إلى أن التقدير حرم عليكم تناول الميتة وحرم عليكم نكاح أمهاتكم؛ لأن الغرض الأظهر من هذه الأشياء تناولها ومن النساء نكاحهن. ومنها أن يدل العقل على الحذف والتعيين.


١ فقد كذبت "ليس جزاء الشرط؛ لأن تكذيب الرسل متقدم على تكذيبه وجزاء لشرط يجب أن يكون مضمونه مترتبًا على مضمون الشرط، فهو سبب لمضمون الجواب المحذوف وهو عدم الحزن فأقيم ذلك السبب مقام الجواب.
٢ أي الذي لم يقم فيه شيء مقام المحذوف، فهو راجع للقسم الأول، وقول النحاة "الاقتصار الحذف لا لدليل" اصطلاح، والحق أن الفعل فيه صار قاصرًا وإنما يسمونه حذفًا اعتبارًا بالفعل قبل جعله قاصرًا.
٣ كثرتها من حيث الدلالة على تعيين المحذوف وأما دليل الحذف فهو شيء واحد هو العقل ولما كان ما دل على التعيين يدل على الحذف وإن كان العقل وحده قد يدل على الحذف صح التعبير بالجمع "أدلة" والوصف بالكثرة.
٤ عبر بمنها إشارة إلى أن هناك أدلة أخرى لم يذكرها كالقرائن اللفظية.
٥ أي بحسب العرف في الاستعمال.
٦ فالعقل مدرك لذلك إذ الأحكام الشرعية إنما تتعلق بأفعال المكلفين دون الذوات وذلك مذهب المعتزلة والعراقيين السنيين لا الحنفية فعندهم يجوز تعلقها بالأعيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>