للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} ، أي أمر ربك أو عذابه أو بأسه١ وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَام} أي: عذاب الله أو أمره.

ومنها: أن يدل العقل على الحذف والعادة٢ على التعيين، كقوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيه} دل العقل على الحذف؛ لأن الإنسان إنما يلام على كسبه، فيحتمل أن يكون التقدير في حبه لقوله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ٣} ، وأن يكون في مراودته لقوله: {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِه} ، وأن يكون في شأنه وأمره فيشملهما، والعادة دلت على تعيين: المراودة؛ لأن الحب المفرط لا يلام الإنسان عليه في العادة لقهره صاحبه وغلبته، وإنما يلام على المراودة الداخلة تحت كسبه التي يقدر أن يدفعها عن نفسه.

ومنها: أن تدل العادة على الحذف والتعيين كقوله تعالى: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُم} ، مع أنهم كانوا أخبر الناس بالحروب، فكيف يقولون بأنهم لا يعرفونها؟ فلا بد من حذف قدره مجاهد رحمه الله مكان قتال، أي أنكم تقاتلون في موضع لا يصلح للقتال ويخشى عليكم منه، ويدل عليه أنهم أشاروا إلى رسول الله أن لا يخرج من المدينة وأن الحزم البقاء.

ومنها الشروع في الفعل٤ كقول المؤمن: "بسم الله الرحمن


١ فالعقل يدل على امتناع مجيء الرب ويدل على تعيين المراد أيضًا.
٢ أي المقررة لا العادة في استعمال الكلام بخلاف ما سبق في "والمقصود الأظهر".
٣ أي أصاب حبه شغاف قلبها وغلافه.
٤ راجع ٩٨ من المفتاح، يعني من أدلة تعيين المحذوف بعد دلالة العقل على أصل الحذف، لا من أدلة الحذف، فدليل الحذف هنا هو العقل بسبب إدراكه أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلق بشيء والشروع في الفعل دل على أنه ذلك الفعل الذي شرع فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>