للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها وإن كان قد ضم إليها شطرا آخر وهو ألا تكون الاستعارة مبنية على غيرها، فقد قرأ في المقالة الرابعة من الفن الثامن من كتاب الشفاء عن أرسطو ما نصه: "أما الاستعارة فيجب أن تكون غير كثيرة التداخل وهو أن "تدخل الاستعارة في الاستعارة" فضم هذا إلى الفكرة، وأوجب في الاستعارة أن تكون قريبة من الحقيقة وغير مبنية على استعارة أخرى، وبهذا يتم حسنها وإلا كانت قبيحة، فالاستعارة القبيحة عنده نوعان: استعارة بعيدة عن الحقيقة واستعارة مبنية على أخرى، ولذلك جعل ابن سنان بيت امرئ القيس: فقلت له لما تمطي بصلبه ... إلخ" ليس من جيد الاستعارات بل من وسطها١ لأن الاستعارة فيه مبنية على استعارة أخرى، وهو لذلك ينقد الآمدي الذي استحسن هذه الاستعارة، وماذا على ابن سنان لو ترك هذا القيد الثاني الذي اقتبسه من سواه؟ ولكنه عرض نفسه لنقد لاذع من رجل كابن الأثير٢، وإن كان ابن الأثير يخلط في رده عليه الإساءة بالإحسان، كما فعل ابن سنان حين نقد رأي الآمدي في بيت امرئ القيس.

وبعد فماذا يريد الآمدي من كلمة استعارة؟

يطلق الآمدي هذه الكلمة مريدا في بعض الأحيان مجرد معناها اللغوي، وهو مطلق النقل لا لعلاقة التشبيه٣ وهو بذلك يجاري أهل اللغة فيها، ولكنه حين يذكرها في معرض الكلام العلمي يريد منها معناها الاصطلاحي الخاص المعروف٤، ولكن الآمدي يجعل من الاستعارة الآية الكريمة: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب} ويقول في شرح الاستعارة فيها: لما كان الضرب بالسوط من العذاب استعير للعذاب سوط٥، وذلك عند المتأخرين من المجاز المرسل.

ح- وتكلم الآمدي على الجناس وعرفه بأنه ما اشتق بعضه من بعضه، وذكر نماذج له من الشعر العربي وأن أبا تمام احتذى هذه الأمثلة فأتى بالجيد والساقط من الجناس "١٢٠-١٢٣ موازنة.


١ "١١٤" سر الفصاحة.
٢ "١٤٩، ١٥٠" مثل سائر
٣ "١٦٩ س٤ و٥ موازنة".
٤ راجع ٣٤٩ أسرار البلاغة.
٥ "١١٥ موازنة" طبع صبيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>