للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- وإن كان حاكمًا بخلافه وجب توكيده١ بحسب الإنكار٢، فتقول: "إني صادق" لمن ينكر صدقك ولا يبالغ في إنكاره، "وإني لصادق" لمن يبالغ في إنكاره. وعليه قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ، إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ، قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ، قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} . [يس: ١٣، ١٤، ١٥] .


١ ومؤكدات الحكم هي: أن والقسم ونونا التوكيد ولام الابتداء واسمية الجملة وتكريرها ولو حكما وأما الشرطية وحروف التنبيه وحروف الزيادة وضمير الفصل وتقديم الفاعل المعنوي لتقوية الحكم، ومنها السين إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه؛ لأنها تفيد الوعد أو الوعيد وهذا مقتض لتوكيد الحكم، وقد التي للتحقيق، وكأن ولكن وإنما وليت ولعل وتكرير النفي، وبعضهم عد أن المفتوحة، وقيل: ليست منها؛ لأن ما بعدها في حكم المفرد.
والفرق بين التأكيد الواجب والمستحسن مع أن المستحسن عند البلغاء واجب هو أن ترك المستحسن يلام عليه لومًا أخف من اللوم على ترك الواجب.
وقال عبد القاهر في دلائل الإعجاز ص٢٤٩: "أكثر مواقع أن بحكم الاستقراء هو الجواب"، لكن "يشترط فيه أن يكون للسائل ظن على خلاف ما أنت تجيبه به، فأما أن يجعل مجرد الجواب أصلًا فيها فلا؛ لأنه يؤدي إلى أن لا يستقيم لنا أن نقول: "صالح" في جواب كيف زيد؟ و"في الدار" في جواب: "أين زيد؟ " حتى نقول: أنه صالح، وأنه في الدار، وهذا مما لا قائل به"، فهو يرى أنه إنما يحسن التأكيد إذا كان للمخاطب ظن على خلاف حكمك أي تأكيد الحكم بمؤكد فأكثر وقيل بأكثر من مؤكدة فرقًا بينه وبين التوكيد المستحسن.
٢ أي بقدرة قوة وضعفًا، يعني يجب زيادة التأكيد بحسب ازدياد الإنكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>