للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أو غير لفظية "أي معنوية":

كاستحالة صدور المسند من المسند إليه المذكور أو قيامه به: عقلًا كقولك محبتك جاءت بي إليك، أو عادة كقولك هزم الأمير الجند وكسا الخليفة الكعبة وبنى الوزير القصر، "لاستحالة ذلك في العادة". وكصدور الكلام من الموحد في مثل قوله: "أشاب الصغير"، البيت١.

واعلم أنه ليس كل شيء يصلح لأن تتعاطى فيه المجاز بسهولة بل تجدك في كثير من الأمر تحتاج إلى أن تهيئ الشيء وتصلحه له بشيء تتوخاه في النظم، كقول من يصف جملًا:

تجوب له الظلماء عين كأنها ... زجاجه شرب غير ملأى ولا صفر

يريد أنه يهتدي بنور عينه في الظلماء ويمكنه بها أن يخرقها ويمضي فيها، ولولاها لكانت الظلماء كالسد الذي لا يجد السائر شيئًا يفرجه به ويجعل لنفسه فيه سبيلًا، فلولا أنه قال: تجوب له، فعلق له بتجوب لما تبين جهة التجوز في جعل الجوب فعلًا للعين كما ينبغي؛ لأنه لم يكن حينئذ في الكلام دليل على أن اهتداء صاحبها في الظلماء ومضيه فيها بنورها، وكذلك لو قال تجوب له الظلماء عينه لم يكن له هذا الموقع ولا نقطع السلك من حيث كان يعيبه حينئذ أن يصف العين بما وصفها به.


١ القرينة إما لفظية أو غير لفظية وهي المعنوية وتنقسم إلى عادية وعقلية، وذلك مثل:
أاستحالة قيام المسند بالمسند إليه استحالة عادية.
ب أو استحالة قيامه به استحالة ضرورية. أي بدهية.
جـ صدور الكلام الذي فيه الإسناد من الموحد، وهذا القسم الثالث من المجاز العقلي هو الذي يحتاج إلى دليل وتأمل، أما القسم الأول والثاني فمن المجاز الضروري البدهي الذي لا يحتاج إلى دليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>