للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• فقه المطلب:

دلت أحاديث المطلب على تحريم اللعب بالحمام؛ لأن تسمية فاعله شيطانًا يدل على ذلك، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم (١)، لكن لم يصح من تلك الأحاديث شيء، وقد قال ابن القيم: «أحاديث الحمام -بالتخفيف- لا يصح منها شيء» (٢)، فيبقى اللعب بالحمام جائزًا؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فإذا اقترن اللعب بالحمام بشيءٍ محرم؛ حرم اللعب بها؛ لأجل ذاك المحرم، وعلى ذلك تحمل الأحاديث على القول بصحتها.

قال الكاساني: «والذي يلعب بالحمام، فإن كان لا يُطيِّرها لا تسقط عدالته، وإن كان يُطيِّرها تسقط عدالته؛ لأنه يطلع على عورات النساء، ويشغله ذلك عن الصلاة والطاعات» (٣).

وقال البيهقي: «حمله بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام على إطارته، والاشتغال به، وارتقائه السطوح التي يشرف بها على بيوت الجيران وحَرَمِهم لأجله» (٤).

وقال ابن قدامة: «واللاعب بالحمام يطيِّرها، لا شهادة له، وهذا قول أصحاب الرأي، وكان شريح لا يجيز شهادة صاحب حمَام ولا حمَّام؛ وذلك لأنه سفه ودناءة وقلة مروءة، ويتضمن أذى الجيران بطيره، وإشرافه على دورهم، ورميه إياها بالحجارة، وإن اتخذ الحمام لطلب فراخها، أو لحمل الكتب، أو للأنس بها من غير أذى يتعدى إلى الناس، لم ترد شهادته» (٥).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «من لعب بالحمام فأشرف على حريم الناس، أو رماهم بالحجارة، فوقعت على الجيران؛ فإنه يعزر على ذلك تعزيرًا يردعه عن ذلك، ويمنع من ذلك؛ فإن هذا فيه ظلم وعدوان على الجيران» (٦).


(١) شرح السُّنَّة ١٠/ ٣٨٣، نيل الأوطار ٨/ ١٧٣.
(٢) المنار المنيف ص ١٠٦.
(٣) بدائع الصنائع ٦/ ٢٦٩.
(٤) شعب الإيمان ٥/ ٢٤٥.
(٥) المغني ١٠/ ١٧٢.
(٦) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٣٢/ ٢٤٦.

<<  <   >  >>