للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عافسنا (١) الأزواج والأولاد والضيعات (٢)، فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «وما ذاك؟». قلت: يا رسول الله نكون عندك؛ تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعةً وساعةً (٣)». ثلاث مرات (٤).

وتقول عائشة -رضي الله عنه- ا: «والله لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، يسترني بردائه؛ لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف،


(١) قال النووي في شرحه على مسلم ١٧/ ٦٦: «-هو بالفاء والسين المهملة- معناه: حاولنا ذلك، ومارسناه، واشتغلنا له؛ وروى الخطابي هذا الحرف عانسنا -بالنون- قال: ومعناه: لاعبنا، ورواه ابن قتيبة -بالشين المعجمة- قال: ومعناه: عانقنا والأول هو المعروف.
(٢) الضيعات: جمع ضيعة -بالضاد المعجمة-، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة. ينظر: المرجع السابق.
(٣) قال علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ٣/ ١١: «يعني لا يكون الرجل منافقًا بأن يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور، ففي ساعة الحضور تؤدون حق ربكم، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم، ويحتمل أن يكون قوله: «ساعة وساعة» للترخيص، أو للتحفظ؛ لئلا تسأم النفس عن العبادة، وحاصله أن يا حنظلة؛ هذه المداومة على ما ذكر مشقة؛ لا يطيقها كل أحد، فلم يكلَّف بها، وإنما الذي يطيقه الأكثرون أن يكون الإنسان على هذه الحالة ساعة، ولا عليه بأن يصرف نفسه للمعافسة المذكورة وغيرها ساعةً أخرى».
وليس معناه كما يفهمه بعض الجَهَلة القائلين: ساعة لقلبك وساعة لربك، فيجعلون العمر ساعتين؛ ساعة في المشروع وساعة في الممنوع، وذلك ضلالٌ مبين.
(٤) أخرجه مسلم ح (٢٧٥٠)، والترمذي ح (٢٥١٤)، وابن ماجه ح (٤٢٣٩).

<<  <   >  >>