للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما يثار بين فينة وأخرى من المطالبة بتخصيص حصص دراسية في مدارس البنات لهذه الرياضة؛ والمطالبة بفتح نوادٍ رياضية للنساء، فالواقع يثبت أن هذه الأشياء مقدمة لأن تخلع المرأة جلباب الحياء، ومقدمة الشيء ينبغي أن تنزل منزلة الشيء (١)، والمدارس التي مارست هذا الشيء -صار في نسائها تبرج فاضح، يقول الشيخ علي الطنطاوي: «كانت النصرانيات واليهوديات من أهل الشام يلبسن قبل الحرب الأولى المُلَاءات الساترات كالمسلمات، وكل ما عندهن أنهن يكشفن الوجوه، ويمشين سافرات أذكر ذلك وأنا صغير، وجاءت مرة وكيلة ثانوية البنات المدرسة سافرة، فأغلقت دمشق كلها حوانيتها، وخرج أهلها محتجين متظاهرين حتى روعوا الحكومة، فأمرتها بالحجاب، وأوقعت عليها العقاب، مع أنها لم تكشف إلا وجهها.

ومرت الأيام، وجئت هذه المدرسة ألقي فيها دروسًا إضافية، وأنا قاضي دمشق سنة (١٩٤٩ م) ... فسمعت مرة صوتًا من ساحة المدرسة، فتلفت أنظر من النافذة، فرأيت مشهدًا ما كنت أتصور أن يكون في ملهى، فضلًا عن مدرسة، وهو أن طالبات أحد الفصول وكلهن كبيرات بالغات قد استلقين على ظهورهن في درس الرياضة، ورفعن أرجلهن حتى بدت أفخاذهن عن آخرها.

فكان هذا الاستعمار الجديد شرًّا من الاستعمار القديم؛ لأن ذلك يمثله قوم ليسوا منا، ولا دينهم من ديننا، ولا لسانهم من لساننا، وهذا يقوم عليه ويدعمه ويحرسه أبناؤنا.

لم أكن أتصور أنه سيأتي علي يوم أرى فيه مدارس البنات في بعض بلاد المسلمين -تكشف عن أجسادهن بحجة الرياضة، وتعلمهن الاختلاط


(١) ينظر: البحر المحيط ٤/ ١٨٠، والمنثور في القواعد ٢/ ٣٥٢.

<<  <   >  >>