للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: نعم، فأمرها، فرجعت بقضبانها وفروعها، حتى إذا التأمت بشقها.

فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : «أسْلِمْ تَسْلَمْ» فقال له ركانة: ما بي إلا أن أكون قد رأيت عظيمًا، ولكني أكره أن تَسَامَع نساء المدينة وصبيانهم أني إنما أجبتك لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت نساء المدينة وصبيانهم أنه لم يُوضَعْ جنبي قط، ولم يدخل قلبي رعبٌ ساعةً قطُّ ليلًا ولا نهارًا، ولكن دونك، فاختر غنمك، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : «ليس بي حاجة إلى غنمك إذا أبيت أن تسلم».

فانطلق نبي الله -صلى الله عليه وسلم- راجعًا، وأقبل أبو بكر وعمر -رضي الله عنه- ما يلتمسانه في بيت عائشة، فأخبرتهما أنه قد توجه قِبَل وادي إضَم، وقد عرفا أنه وادي ركانة، لا يكاد يخطئه، فخرجا في طلبه، وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله، فجعلا يتصاعدان على كل شرَف ويتشرفان له، إذا نظرا نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- مقبلًا، فقالا: يا نبي الله، كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك، وقد عرفت أنه جهة ركانة، وأنه من أقتل الناس، وأشدهم تكذيبًا لك؟ فضحك إليهما، ثم قال: «أليس يقول الله تعالى لي: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: ٦٧]؟ إنه لم يكن يصل إلي واللهُ معي»، فأنشأ يحدثهما حديث ركانة، والذي فعل به، والذي أراه، فعجبا من ذلك، فقالا: يا رسول الله، أصرعت ركانة؟! فلا والذي بعثك بالحق ما وضع جنبيه إنسانٌ قط، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إني دعوت الله ربي، فأعانني عليه، وإن ربي أعانني ببضع عشرة، وبقوة عشرة».

• رواة الحديث:

١ - محمد بن إبراهيم: بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني، أبو بكر ابن المقرئ الشيخ الحافظ الجوال، محدث كبير، ثقة أمين، صاحب المعجم، والرحلة الواسعة (١).


(١) ذكر أخبار أصبهان ٢/ ٢٩٧، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٣٩٨.

<<  <   >  >>