للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شمس. ثم انتقلت منهم الندوة بعد ذلك لبني عبد الدار. ويلاحظ في التقسيم أن ما أفاده بنو عبد مناف أكسبهم ذكرا ومجدا خارج قريش، في حين أن ما أفاده بنو عبد الدار أكسبهم نفوذا وسلطانا في مكة نفسها.

وقد انقسم بنو عبد مناف إلى فرعين: بيت هاشم وبيت أخيه عبد شمس، وقد نال الهاشميون منصبي الرفادة والسقاية، ونال عبد شمس منصب القيادة في الحرب.

هاشم بن عبد مناف:

كان هاشم بن عبد مناف قد احتفظ بمنصبي الرفادة والسقاية، وكان رجلا شجاعا ذا لسان ومقام رفيع بين قومه، ولم تكن شجاعته أقل من كرمه، فقد دعا قومه إلى إخراج قسط من أموالهم كل عام، يتولى إنفاقه في إطعام الحاج أثناء المواسم، ولم يقتصر كرمه على الحجيج، فقد أمد أهل مكة نفسها بكثير من الميرة حين أصابتهم سنة مجدبة، فزادت بذلك مكانته بين العرب، وكان هو أول من سنّ رحلة الشتاء والصيف إلى اليمن والشام؛ لتنظيم التجارة، والاتصال بين البلدين.

وقد كان لهذه السنة أثر عظيم في ازدهار مكة، حتى لم تكن بين البلاد العربية مدينة تفوقها، فقد غدت قبلة أنظار العرب جميعا.

لم تكن أيام هاشم خالية من المتاعب، فقد نغّص عليه صفو الحياة ما قام به أمية ابن أخيه عبد شمس من حركة تمرد وتطاول عليه؛ لما كان يتمتع به من شهرة وكثرة في المال والولد، وظن أمية أنه سينال بقوته ما بيد عمه من شارات الشرف. وحض الناس هاشما على التمسك على ما بيده، إذ هو وهو شيخ كبير أحق الناس بميراث قصي, وكادت الحرب تنشب بين هاشم وابن أخيه، غير أن الأمر استقر أخيرا على أن يتحاكما إلى الكاهن الخزاعي بعسفان على خمسين ناقة تذبح بالحرم, وخروج من يحكم عليه من مكة إلى بلد بعيد عشر سنوات، وخرج كل من هاشم وأمية في جماعة من أنصارهما حتى وصلوا إلى الكاهن، فقضى الكاهن

<<  <   >  >>