للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين كانوا قد زحفوا على اليمن، فاستعمروا البلاد، ثم ما لبث أبرهة قائدهم أن صمّم على الاستيلاء على مكة، وحاول صرف العرب عن الكعبة بهدمها, وبإنشاء كعبة أخرى مماثلة لها في اليمن، وقد أهلك الله أبرهة وجيشه بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول. وقد احتفل الشعراء الحجازيون بهزيمة الحبشة في الحجاز، ونظموا قصائد طويلة يصورون فيها هذا النصر الكبير، وتجد بعض هذه القصائد في كتاب بلوغ الأرب للألوسي١، وهذا الشعر ينفي ما ذهب إليه ابن سلام، في كتاب "طبقات الشعراء"، من قلة الشعر الحجازي في العصر الجاهلي؛ لعدم الحروب والملاحم٢.

حلف المطيبين:

دفعت الضرورة القبائل الحجازية العربية إلى تكوين الأحلاف؛ للمحافظة على الأمن, والدفاع عن مصالحها المشتركة.

ومن هذه الأحلاف: حلف المطيبين الذي عقد في مكة، بعد اختلاف بني عبد مناف وهاشم والمطلب ونوفل مع بني عبد الدار بن قصي، وإجماعهم على أخذ ما بأيدي بني عبد الدار مما كان قصي قد جعله فيهم من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة، فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا، على ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضا، ما بل بحر صوفة، فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا، قيل: إن بعض نساء بني عبد مناف أخرجتها لهم، فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، فتعاقدوا وتعاهدوا هم وحلفاؤهم، ثم مسحوا الكعبة بأيديهم؛ توكيدا على أنفسهم، فسموا المطيبين، وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا هم وحلفاؤهم عند الكعبة حلفا مؤكدا على ألا يتخاذلوا, ولا يسلم بعضهم بعضا, فسموا الأحلاف٣.


١ بلوغ الأرب ١/ ٢٥١-٢٦٢.
٢ طبقات الشعراء ٢١.
٣ ابن هشام ١/ ٤٣١، ابن الأثير ١/ ١٨٣, الطبري ١/ ١٣٨، لسان العرب ١٠/ ٤٠٠.

<<  <   >  >>