للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حلف الفضول:

دعت إليه قبائل قريش، فتعاهدوا وتعاقدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس، إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه، حتى ترد عنه مظلمته، وسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول، وكان أول اجتماع لقبائل قريش -من بني هاشم وأسد وزهرة وتيم- في دار عبد الله بن جدعان، حيث صنع لهم طعاما كثيرا، ثم عمدوا إلى ماء من بئر زمزم، فجعلوه في جفنة، ثم بعثوا به إلى البيت، فغسلت به أركانه، ثم أوتوا به فشربوه, وتعاقدوا وتعاهدوا بالله المنتقم، ليكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه, ما بل بحر صوفة. وقد حضر هذا الحلف رسول الله -صلوات الله عليه- وقال فيه: "لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار ابن جدعان، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت" ١.

معاهدات مع الأمم المجاورة:

وقد عقد القرشيون سادة مكة معاهدات على جانب كبير من الخطورة في العصر الجاهلي مع الأمم التي تجاورهم، وهي معاهدات اقتصادية تحمي حرية التجارة، وينتشر في ظلالها نفوذ العرب في كل مكان. ويروي صاحب الأمالي في كتابه ذيل الأمالي والنوادر ما نصه٢:

"كانت قريش تجارا، وكانت تجارتهم لا تعدو مكة، إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترونها منهم، ثم يتبايعونها بينهم ويبيعونها على من حولهم من العرب, فكانوا كذلك حتى ركب هاشم بن عبد مناف إلى الشام, فنزل بقيصر، فكان يذبح كل يوم شاة، ويضع جفنة ثريد، ويجمع من حوله فيأكلون، وكان هاشم من أجمل الناس وأتمهم، فذكر ذلك لقيصر، فقيل له: ههنا رجل من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق ويفرغ عليه اللحم,


١ ابن هشام ١/ ١٤٥، الأغاني ١٦/ ٦١، الاشتقاق لابن دريد ص١١١, العقد الفريد ١٢/ ٤، اللسان ١٠/ ١٩٩ و١/ ٩٠ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري.
٢ ذيل الأمالي ص١٩٩.

<<  <   >  >>