للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحابيش الأحرار، هؤلاء الأحابيش الذين استأجر أبو سفيان منهم عددا يبلغ الألفين في يوم أحد.

وقد كانت قريش إذا أزمعت حربا تتلقى اللواء من يد زعيمها قصي الذي كان يمثل الرئيس الأعلى للجيش، فقد كان يعقد رقاعا من القماش الأبيض على أطراف الحراب ويقدمها بنفسه، أو يبعثها مع أولاده إلى زعماء قريش. وقد ظل هذا التقليد -الذي يسمى "عقد اللواء" منذ أن أنشأه قصي- إلى آخر أيام الفتوح العربية جاريا.

وبعد أن مات قصي أصبح زعيم قريش عبد الدار أكبر أبنائه، وتولى أبناؤه بعد وفاته تلك الوظائف التي أسلفنا ذكرها، ومن بينها اللواء، ووليها من بعدهم أحفاده، ولكن خلافا نشب بين بني عبد الدار وبني عبد مناف، كاد يفضي إلى القتال لولا أن الفريقين اتفقوا على أن تكون السقاية والرفادة لعبد شمس بن مناف، وأن تظل الحجابة والندوة واللواء في أيدي بني عبد الدار, مما أكسبهم نفوذا وسلطانا قويا في مكة ذاتها.

وكانت قريش تميل للسلام، وإذا استعرنا أسلوب العصر الحديث، قلنا: إنها كانت من دعاة التعايش السلمي peaceful Coexistence، ولكنها إذا اضطرت للقتال كافحت كفاح الأبطال، وربما بدا من بعض أفرادها ما يشبه أفعال الفدائيين أو الفرق الانتحارية في الحروب الحديثة. وفي إحدى حروب الفجار التي كانت بينها وبين قيس عيلان جمعت قيس جموعها ومعها ثقيف وغيرها، وجمعت قريش جموعها منهم: كنانة جميعها، والأحابيش، وأسد بن خزيمة، وخرجت قريش للموعد, على كل بطن منها رئيس بعد أن تسلحت، فكان على بني هاشم: الزبير بن المطلب ومعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإخوته أبو طالب، وحمزة، والعباس بنو عبد المطلب، وعلى بني أمية وأحلافها: حرب بن أمية، وعلى بني أسد بن عبد العزى: خويلد بن أسد، وعلى بني مخزوم: هشام بن المغيرة أبو أبي جهل، وعلى بني تيم: عبد الله بن جدعان، وعلى بني جمح: معمر بن خبيب بن وهب، وعلى بني سهم: العاص بن وائل, وعلى بني عدي:

<<  <   >  >>