٤- وتوجد فوارق أخرى خِلْقِيَّة بين عرب الشمال والجنوب ترجع إلى لون البشرة وشكل الرأس وطول القامة؛ فأهل الشمال يغلب عليهم جمال الوجه واستدارته, وكبر الرأس وطول القامة، والبياض الضارب إلى السمرة، وهي خصائص الجنس السامي.
أما أهل اليمن, فقليلا ما تتوفر فيهم هذه الصفات السامية، بل يغلب عليهم السواد، وتشبه سحنهم من وجوه كثيرة سحنة الإفريقيين من الأحباش.
وكان أساس الاجتماع عند العرب كما تقدم شماليين وجنوبيين هو الأسرة التي يكونها الرجل منهم بالزواج والتناسل ولا يزال يقوم عليها، ويعنى بكل حاجياتها حتى تشتد سواعد أبنائها، ويصبحوا قادرين على الكسب، فيقوم فيهم الوالد يرشدهم بما كسبه من التجارب ويدلهم على طرق الخير بما أفاءت عليه الظروف من حكمة وعقل، ويفصل بينهم في المنازعات المختلفة التي قد تقوم بينهم، فلا يتركهم يتفرقون حتى لا يطمع فيهم طامع، إذ هم مصدر عزته وجاهه، وتستمر الأسرة في الزيادة حتى تتكون القبيلة.
والعرب الحجازيون: بدو وحضر، وبين الفريقين تفاوت كبير في التقاليد والعادات والأخلاق:
أما البدو، فهم قوم رحّل يسكنون الخيام، ولا يقرون في مكان, ينتجعون الكلأ، ويتتبعون مساقط الماء ومنابت العشب، يرحلون إليها بأنعامهم التي يغتذون بلحومها وألبانها، ويكتسون بأصوافها وأوبارها، وهم -لجدب بلادهم، وانصرافهم عن أوجه التكسب الأخرى- كانوا يقنعون من العيش بالكفاف، ولا يفتنّون في المطاعم والملابس، بل كانوا يعيشون غالبا على اللبن والتمر واللحم. ولقلة مواطن الكلأ لديهم، وميلهم إلى الانتقام