للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنا الذي أحيا الوئيد، وغالب ... وعمرو، ومنا حاجب والأقارع

أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا -يا جرير- المجامع

ومن الحجازيين الذين استنكروا الوأد، زيد بن عمرو بن نفيل القرشي ... كان يستحيي الموءودات، فإذا بصر برجل يهم بوأد بنته، قال له: لا تقتلها، أنا أكفيك مئونتها، ويأخذها وينفق عليها حتى تكبر، ثم يقول لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مئونتها. ويقال: إنه أحيا ستا وتسعين موءودة١.

وأما ما أثر من أخبار العهر٢, فخاص بالإماء دون الحرائر.

أما الحضر:

فكانوا يسكنون المدن، ويبنون الدور والقصور، ويفتنون في المطعم والمشرب والمسكن، ويشتغلون بالصناعة والزراعة والتجارة، ولا يرون في ذلك بأسا ولا غضاضة، وهؤلاء هم سكان مكة والمدينة والطائف وبعض القرى الحجازية الأخرى.

القرشيون والتجارة:

وكان القرشيون أهل تجارة يغدون ويروحون في جزيرة العرب آمنين مطمئنين وقد اتسعت تجارتهم، فامتدت إلى الشام واليمن وكانت إلى الأولى رحلتهم الصيفية، وإلى الثانية رحلتهم الشتوية، كما شملت الحبشة والفرس والهند، وقد تقسم أولاد عبد مناف هذه الأقطار: فكان هاشم يذهب إلى الشام، وعبد شمس إلى الحبشة، والمطلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس. وكان تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار، بحبال هؤلاء الإخوة، فلا يتعرض لهم؛ لأن كل أخ منهم كان قد أخذ من ملك ناحية سفره أمانا له٣ وإنما استأثرت قريش بالتجارة لما كانت تتمتع به بين العرب من


١ بلوغ الأرب للألوسي ٣/ ٤٥، وراجع ٥٠/ ٥ البخاري.
٢ عهر المرأة كمنع عهرا وعهورا وعهارة وعاهرها: أتاها الفجور، أو زنى "قاموس". وفي المصباح: عهر كتعب وقعد في لغة: فجر.
٣ وفي ذلك يقول الشاعر:
يا أيها الرجل المحول رحله ... هلا نزلت بآل عبد مناف؟
الآخذون العهد من آفاقها ... والراحلون لرحلة الإيلاف
والخالطون غنيهم بفقيرهم ... حتى يكون فقيرهم كالكافي

<<  <   >  >>