للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اشتغل أهلها بالزراعة والتجارة، ونظرا لوقوعها على الطريق التجارية الكبرى بين اليمن والشام قام أهلها بتجارة الجزيرة، وكانت إحدى محطات القوافل التجارية في سفرها إلى الشام. ونجح أهلها في متاجرهم حتى أفادوا منها غنى واسعا واستفاضت لهم ثروات طائلة ونشأت فيهم رءوس الأموال الضخمة. ويرى بعضهم أن خيبر كانت مصرف الجزيرة المالي, ولما فتحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- صالح أهلها على الشطر من الثمر والحب.

وكلما مرت عير لقريش أو لطيمة من لطائم النعمان قامت لها سوق في خيبر١.

الحياة التجارية:

كانت أهم السلع التي تشغل هذه الأسواق: الخمور من هجر وغزة وبصرى, والأدم والبرود الموشاة من اليمن، والطيب والحرير والزيوت من الشام، والجلود من الطائف، والمسك من الحيرة، وكان البيع فيها بطريق المبادلة في الغالب.

وقد عرف الحجازيون التجارة منذ القدم، وكان في الجزيرة العربية طرق تسلكها القوافل التجارية بين المحيط الهندي وبلاد الشام, فكان أحدها يسير من حضرموت إلى البحرين على الخليج الفارسي "طريق الغرب" وعلى هذا الطريق الأخير تقع مكة في المنتصف تقريبا بين صنعاء وبطرة.

وقد سلك العرب هذه الطرق البرية؛ لأن طريق البحر لم يكن آمنا. وكانت التجارة لا تخرج إلا محروسة، وكانت تسير في أزمنة محدودة وقد أثبت العرب شرفا في التبادل التجاري، واشتهروا بحب الوفاء وتقدير الوعد، والصدق في عرض السلع، فوثقت بهم الممالك المجاورة، وبذلك مهد العربي الطريق لتجارة واسعة منظمة.

وكانت بعض القبائل تتولى تأمين المتاجر مقابل جُعْل خاص، فإذا عدا عليها عادٍ بذلوا في سبيل حمايتها حياتهم ودماءهم, وإذا عجزوا عن حمايتها ردوا الجعل لأصحاب التجارة، وربما عوضوهم عما أصابهم من خسائر.


١ من المراجع المهمة في هذا الموضوع كتاب "أسواق العرب" للأفغاني.

<<  <   >  >>