شين في العبرية، والألف في العربية واو في العبرية, والضاد في العربية صاد في العبرية, والثاء في العربية شين في العبرية؛ فيقال في سلام وأرض وثور: شلوم، وأرص، وشور بالعبرية، والذال في العربية زاي في العبرية ودال في السريانية, والحاء في العربية خاء في العبرية والسريانية, والغين في العربية عين فيهما.
ولا يعقل أن تكون العبرية أو السريانية أصلا؛ لأن البابلية أقدم، وإنما كانت أصلا للعربية؛ لأن العرب انتقلوا من بابل إلى جزيرتهم، فالبابلية أصل العربية.
وقيل: هي العربية؛ لأن الكلمات المشتملة على حرف الضاد تنقل إلى العبرية والسريانية -وهما أغنى اللغات السامية بعد العربية- بجعل الضاد صادا في العبرية وعينا في السريانية، ولو كانت العربية ناقلة عنهما، لما كان هناك داعٍ لجعل هذين الحرفين ضادا لوجودهما فيها، ولأن في العربية من أصول الكلمات ما ليس فيهما.
والتشابه بين هذه اللغات مما لا شك فيه، ولكنه لا يكفي في الحكم بأن إحداهن أم للأخريات؛ ولذلك رجح العلماء الرأي الأول، وهو أنهن أخوات لأم عفى عليها الزمن١ ... يقول جورجي زيدان في كتابه "تاريخ آدب اللغة": واللغات السامية أخوات لا يعرف لهن أم، وظن بعضهم أن البابلية والآشورية القديمة أمهن ولكن المحققين لا يؤيدون ذلك، والمعول عليه أن هذه اللغات السامية أخوات انقرضت أمهن قبل زمن التاريخ، وقال في "تاريخ العرب قبل الإسلام": وقيل: إن أمهن العبرية، وقيل: العربية، وقيل: البابلية، وكلها لا تخرج عن حد التخمين. ا. هـ. ونقول: لعل الحامل لهؤلاء على أقوالهم تعصب كل فريق للغته.
ومن هذا يتبين لك أنه ليس من السهل الوصول إلى معرفة أصل اللغة العربية.
١ هي لغة قدماء الساميين الذين سكنوا ما بين النهرين, وقد دعاها علماء اللغة باللغة الآرامية؛ نسبة إلى آرام أحد أبناء سام.