وكبرت سن ورقة، وفقد بصره من الكبر، وتوفي بعد البعثة بقليل دون أن يترك له عقبا.
ولقد شهد له الرسول شهادة كريمة؛ يروى أنه قال:"لا تسبوا ورقة؛ فإني رأيته في ثياب بيض". وروي عن عروة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأخي ورقة أو لابن أخيه:"شعرت أني قد رأيت لورقة جنة أو جنتين" والشك من هشام.
وروى الترمذي: قال رسول الله: "رأيته في المنام وعليه ثياب بيض". وروي أنه سئل عن ورقة فقال:"رأيته في المنام وعليه ثياب بيض, فقد ظن لو كان من أهل النار لم أر عليه البياض, فرحمه الله ورضي عنه".
زيد بن عمرو بن نفيل القرشي:
كان من المتحنفين الموحدين في الجاهلية، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم، ومات قبل البعثة بخمس سنين، فكان يسند ظهره إلى الكعبة ويقول: يا معشر قريش, والذي نفسي بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري، وكان يقول عن نفسه: يا عامر, إني فارقت قومي واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل، وأنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من ولد عبد المطلب وما أراني أدركه, وأنا أوصي به وأصدقه وأشهد أنه نبي. وأسلم ابنه سعيد، وكان إسلام عمر عنده في بيته؛ لأنه كان زوج أخته فاطمة.
وكان نفر من قريش: زيد وورقة بن نوفل وعثمان بن الحويرث وعبيد الله بن جحش خالفوا قريشا وقالوا لهم: إنكم تعبدون ما لا يضر ولا ينفع من الأصنام، ولا يأكلون ذبائحهم. واجتمع زيد بالنبي قبل البعثة وقال له: إني شاممت النصرانية واليهودية فلم أر فيهما ما أريد, فقصصت ذلك على راهب، فقال لي: إنك تريد ملة إبراهيم الحنيفية وهي لا توجد اليوم, فالحق ببلدك فإن الله تعالى باعث من قومك من يأتي بها, وهو أكرم الخلق على الله.
ويروى أنه كان إذا استقبل الكعبة داخل المسجد قال: لبيك حقا حقا، تعبدا ورقا، عذت بما عاذ به إبراهيم١.