للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتجارية لا لأغراض أدبية١. والسبب في ذلك أمية العرب وبداوتها, وأنها لم تكن أمة ذات حضارة أو ثقافة فكرية واسعة؛ ولذلك كان أكثر أدبها ارتجالا، أو ما يشبه الارتجال.

يقول الجاحظ: وكل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال وكأنه إلهام. وليست هناك معاناة ولا مكابدة ولا إجالة فكرة, وإنما هو أن يصرف وهمه إلى الكلام، وإلى جملة المذهب، وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني أرسالا، وتنثال عليه الألفاظ انثيالا. وكان الكلام الجيد عندهم أظهر، وهم عليه أقدر وأقهر، وكل واحد في نفسه أنطق, ومكانه من البيان أرفع، وخطباؤهم أوجز، والكلام عليهم أسهل، وهو عليهم أيسر٢.

٤- والدليل الرابع على وجود النثر الفني في العصر الجاهلي هو وجود صحائف من الكتب الدينية عند بعض طبقات العرب، من اليهود والنصارى ودعاة الحنيفية دين إبراهيم وإسماعيل.

أما المستشرقون فيرون أن النثر الفني لم يعرفه عرب الجاهلية، ولم يشهده عصر صدر الإسلام، وإنما نشأ على يد ابن المقفع المتوفى عام ١٤٣هـ في صدر العصر العباسي الأول، وممن ذهب إلى ذلك المسيو مرسيه الفرنسي٣، والمستشرق جب الإنجليزي، وغيرهما.

ويؤيد ذلك بعض الباحثين المعاصرين٤ كالدكتور طه حسين، ويدعمون ذلك بأدلة منها:


١ ص٥ الفن ومذاهبه في النثر العربي, لشوقي ضيف.
٢ ٢١ جـ٣ البيان والتبيين للجاحظ, الطبعة الثانية.
٣ راجع ص٢٣ جـ١ النثر الفني لزكي مبارك.
٤ يتفق هؤلاء مع المستشرقين في إنكار وجود النثر الفني عند العرب في الجاهلية، ولكنهم يختلفون معهم في تحديد مبدأ نشأة النثر الفني في الأدب العربي، فليس ابن المقفع هو أول من ظهر النثر الفني على يديه كما يرى المستشرقون، وإنما عرفه الأدب العربي في أول القرن الثاني الهجري، كما يرى هؤلاء المعاصرون من أدباء العربية.

<<  <   >  >>