للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- أن عيشة العرب الأولين لم تكن توجد النثر الفني؛ لأنه لغة العقل، على حين سمحت بالشعر؛ لأنه لغة العاطفة والخيال.

٢- عدم انتشار الكتابة في العصر الجاهلي، وهي عماد النثر الفني.

٣- والقرآن -الذي يستدلون به على معرفة الجاهليين للنثر الفني، ووجوده عندهم- لا يصح عده من النثر كما لا يصح جعله شعرا؛ لأنه نمط أدبي مستقل ليس له شبيه في الآثار الأدبية.

يقول الدكتور طه: "والواقع أننا لا نستطيع بحال من الأحوال -مهما نحرص على أن نكون من أنصار العصر الجاهلي- أن نطمئن إلى أن هذا العصر كان له نثر فني١. فالعصر الجاهلي لم يكن له نثر بالمعنى الذي حددته، ومع ذلك فقد كان له نثر خاص لم يصل إلينا؛ لضعف الذاكرة، وخلوه من الوزن، وهذا النثر هو الخطابة٢, فأول القرن الثاني للهجرة هو الذي شهد ظهور الحياة العقلية، وهو الذي شهد مظهر الحياة العقلية وهو نشأة النثر الفني٣".

٢- والحق أنه كان للعرب قبل الإسلام، وخاصة الحجازيين منهم، نثر فني يتناسب مع صفاء أذهانهم وحدة تفكيرهم، ولكنه ضاع لأسباب منها: شيوع الأمية، وقلة التدوين، وبعد ذلك النثر عن الحياة الجديدة التي جاء بها الإسلام. والقرآن الكريم شاهد صدق على وجود النثر الفني قبل الإسلام، ويعطي فكرة عامة عن ازدهاره وقوته في هذا العصر الجاهلي، وما يقال من أنه ليس نثرا مغالطة لا تجوز على عقل.

وأغلب الظن أن هؤلاء الذين يجعلون نشأة النثر الفني على يدي ابن المقفع إنما يريدون إسناد ذلك الفضل لأثر وراثاته الفارسية، وأن أدبنا العربي مدين في ذلك للعقلية الفارسية، وهذه شعوبية حديثة نرى مظهرها واضحا في إنكار،


١ ٣٠ و٣١ من حديث الشعر والنثر لطه حسين.
٢ ص٣٢ المرجع نفسه.
٣ ص٤٩ المرجع نفسه.

<<  <   >  >>