للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فضل العرب، ونسبة كل مكرمة أدبية أو غير أدبية لغيرهم من العناصر الأجنبية. ثم إن الكتابة إنما يحتاج إليها النثر الفني في تدوينه لا في نشأته كما يسلم بذلك العقل.

ونخلص من ذلك كله إلى إثبات رأينا الذي رأيناه, وهو أن النثر الفني قد وجد قبل الإسلام وقبل اتصال العرب الثقافي بالفرس واليونان بأمد طويل.

٣- ولنوضح أخيرا موقف الدكتور طه من النثر الجاهلي، يرى الدكتور:

١- أنه لم يعرف الجاهليون النثر الفني، وإنما عرفوا ألوانا أخرى من النثر، من: أسجاع، وأمثال، وخطابة لم تكن شيئا ذا غناء١, وسجع كهان٢, وهذه بينها وبين النثر الفني بون بعيد.

٢- ويرفض الدكتور قبول ما ينسب لعرب الجنوب من نثر، من شتى هذه الأنواع النثرية المروية؛ لأن النثر إنما جاء بلغة قريش التي لم يكن لعرب الجنوب بها علم, ولأنهم كان لهم لغة معروفة كتبوها وتركوا لنا فيها نصوصا منثورة كشفها المستشرقون وهي لا توافق لغة قريش في شيء. فكل ما يضاف إلى اليمنيين من نثر مرسل أو مسجوع أو خطابة في الجاهلية عند الدكتور منتحل. أما عرب الشمال فيرى رفض ما يضاف إلى ربيعة وغيرها من عرب العراق والبحرين والجزيرة من نثر، ويتردد فيما ينسب منه إلى مضر، ويرى أن الكثير منه منتحل٣.

ونحن لا نوافق الدكتور على ما ذهب إليه: من إنكار وجود النثر الفني في الجاهلية, ولا من التهوين من شأن الخطابة الجاهلية، وإن كنا نسلم معه بأن بعض النصوص الأدبية من النثر الجاهلي قد انتحل بعد الإسلام.


١ يرى الدكتور أن الخطابة فن إسلامي خالص, ويقول: لا تصدق أنه قد كانت للعرب في الجاهلية خطابة ممتازة، إنما استحدثت الخطابة في الإسلام "ص٣٧٤ الأدب الجاهلي".
٢ راجع ٣٧٢-٣٧٥ الأدب الجاهلي لطه حسين طـ ١٩٢٧.
٣ راجع ص٢٦٩ من الأدب الجاهلي وما بعدها.

<<  <   >  >>