للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به١, إن قال أنصتوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره, محفود محشود لا عابس ولا مفند٢. قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة, ولقد هممت بأن أصحبه, ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.

٢- ومن خطبة هاشم بن عبد مناف, حين تنافرت قريش وخزاعة إليه:

أيها الناس:

نحن آل إبراهيم، وذرية إسماعيل، وبنو النضر بن كنانة، وبنو قصي بن كلاب، وأرباب مكة، وسكان الحرم، لنا ذروة الحسب، ومعدن المجد، ولكل في كل حلف يجب عليه نصرته، وإجابة دعوته, إلا ما دعا إلى عقوق عشيرة، وقطع رحم.

يا بني قصي:

أنتم كغصني شجرة، أيهما كسر أوحش صاحبه، والسيف لا يصان إلا بغمده، ورامي العشيرة يصيبه سهمه، ومن أمحكه٣ اللجاج أخرجه إلى البغي.

أيها الناس:

الحلم شرف، والصبر ظفر، والمعروف كنز، والجود سؤدد، والجهل سفه، والأيام دول، والدهر ذو غير، والمرء منسوب إلى فعله ومأخوذ بعمله, فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد ودعوا الفضول تجانبكم السفهاء، وأكرموا الجليس يعمر ناديكم, وحاموا الخليط يرغب في جواركم، وأنصفوا من أنفسكم يوثق بكم. وعليكم بمكارم الأخلاق فإنها رفعة، وإياكم والأخلاق الدنية فإنها تضيع الشرف وتهدم المجد، وإن نهنهة الجاهل أهون من جريرته، ورأس العشيرة يحمل أثقالها, ومقام الحليم عظة لمن انتفع به. فقالت قريش: رضينا بك أبا نضلة٤.


١ يحفون به أي: يبالغون في بِرّه والسؤال عن حاله.
٢ محفود محشود أي: إن أصحابه يخدمونه ويجتمعون عليه. والعابس: الكريه الجهم المحيا. والمفند: الذي لا فائدة في كلامه لكبر أصابه.
٣ أي: أغضبه.
٤ هي كنية هاشم.

<<  <   >  >>